ومنه قوله: إن ضيعني فلان، ففي الله كافٍ، المعنى: الرحمن كافٍ، الله كافٍ، وهذا فيه بُعْد.
قوله:«أصَابَتْ» هذه الجملة في محل جَرّ - أيضاً - صفة ل «رِيح» .
ولا يجوز أن يكون صفة ل «صر» ؛ لأنه مذكَّر، وبدأ أولاً بالوَصْف بالجار؛ لأنه قريب من المفرد، ثم بالجملة، هذا إن أعربنا «فِيهَا» - وحده - صفة، ورفعنا به «صِرٌّ» ، أما إذا أعربناه خبراً مقدماً، أو «صِرٌّ» مبتدأ، فهما جملة - أيضاً -.
قوله:{ظَلَمُوا} صفة ل «قوم» ، والضمير في {ظَلَمَهُمُ} يعود على القوم ذوي الحرث، أي: ما ظلمهم الله بإهلاك حرثهم، ولكنهم ظلموا أنفسهم بارتكابهم المعاصي التي كانت سبباً في إهلاكهم؛ أو لأنهم زرعوا في غير موضع الزرع، أو في غير وقته؛ لأن الظلم: وضع الشيء في غير موضعه، وبهذا يتأكد وَجْه الشبه؛ لأن الزرع - لا في موضعه، ولا في وقته - يضيع، ثم أصابته الريح الباردة، فكان أولى بالضياع، وكذا - هاهنا - الكفار لما أتَوْا بالإنفاق لا في موضعه ولا في وقته ثم أصابه شؤمُ كُفْرِهم، فصار ضائعاً، والله أعلم.
وجوَّزَ الزَّمَخْشَرِيُّ وغيره: أن يعود الضمير على المنفقين، وإليه نَحَا ابْنُ عَطِيَّةَ، ورجحه بأن أصحاب الحرث لم يُذْكَروا للرد عليهم، ولا لتبيين ظلمهم، بل لمجرد التشبيه.
وقوله:{ولكن أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} العامَّة على تخفيف «لكن» ، وهي استدراكية، و «أنْفُسَهُمْ» مفعول مقدَّم، قُدِّم للاختصاص، أي: لم يقع وبالُ ظلمهم إلَاّ بأنفسهم خاصَّة، لا يتخطاهم، ولأجل الفواصل - أيضاً -.
وقرأها بعضُهم مشدَّدة، ووجهها أن تكون «أنْفُسَهُمْ» اسمها، و «يَظْلِمُونَ» الخبر، والعائد من الجملة الخبريَّة على الاسم محذوف، تقديره: ولكن أنفسهم يظلمونها، فحذف، وحسَّنَ حذفَه كَوْنُ الفعلِ فاصلة، فلو ذكر مفعوله، لفات هذا الغرض.
وقد خرجه بعضهم على أن يكون اسمها ضمير الأمر والقصة - حُذِفَ للعلم به،