للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أعزَّة، لكن نسبتهم إلى عدوهم، وإلى جميع الكفار في أقطار الأرض، تقتضي عند التأمل ذِلّتَهُمْ، وأنهم يغلبون.

الثاني: لعل المراد: أنهم كانوا أذلة في زَعْم المشركين، واعتقادهم؛ لأجل قلة عددهم، وسلاحهم وهو مثل ما حكى الله - تعالى - عن الكفار قولهم: {لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل} [المنافقون: ٨] .

الثالث: أن الصحابة كانوا قد شاهدوا الكفار بمكة في قوتهم، وثروتهم، وثروتهم، إلى ذلك الوقت، ولم يَبْقَ للصحابة عليهم استيلاء، فكانت هيبتهم باقية في قلوبهم، فلهذا السبب كانوا يهابونهم ويخافونهم.

ثم قال: {فاتقوا الله} أي: في الثَّباتِ مع رسوله.

{لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} بتقواكم ما أنعم الله به عليكم ممن نصرته، أو لعل الله ينعم عليكم نعمة أخرى تشكرونها، فوضع الشكر موضع الإنعام؛ لأنه سبب له.

قوله: {إذْ تَقُولُ} فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه منصوب بإضمار اذكر.

الثاني: إن قلنا: إن هذا الوعد حصل يوم بَدْر، فالعامل في «إذْ» قوله: {نَصَرَكُمُ الله} والتقدير: إذ نصركم الله ببدر، وأنتم أذلة إذ تقول للمؤمنين.

وإن قلنا: إن هذا الوعد حصل يوم أُحُد، فيكون بَدَلاً من قوله: {إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ} [آل عمران: ١٢٢] ، فهذه ثلاثة أوجه.

فصل

رُوِي عن ابن عبَّاسٍ والكَلْبِيِّ والواقِدِيِّ ومُقَاتِلٍ ومُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ: أنه يوم أُحُد، لوجوه:

أحدها: أن يوم بدر إنما أمِدَّ الرسولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بألف من الملائكة لقوله: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فاستجاب لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الملاائكة} [الأنفال: ٩] ، فكيف يليق به ما ذكر فيه ثلاثة آلاف، وخمسة آلاف؟

وثانيها: أن الكفارَ كانوا يوم بدر ألفاً، وما يقرب منه، والمسلمون كانوا على الثلث منهم؛ لأنهم كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر، فأنزل الله تعالى يوم بدر ألفاً من الملائكة، فصار عدد الكُفَّار مقابلاً بعدد الملائكة مع زيادة عدد المسلمين، فلا جرم، وقعة الهزيمة على الكفار، فكذلك يوم اُحُد، كان عدد المسلمين ألفاً، وعدد الكفار ثلاثة آلاف، فكان عدد المسلمين على الثلث من عدد الكفار في هذا اليوم، فوعدهم الله في هذا اليوم أن ينزل ثلاثة

<<  <  ج: ص:  >  >>