قوله:{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الذين كَفَرُواْ الرعب} هذا من تمامِ ما تقدم من وجوه الترغيبِ في الجهاد وعدم المبالاةِ بالكفارِ.
قوله:{سَنُلْقِي} الجمهور بنون العظمة، وهو التفات من الغيبة - في قوله:{وَهُوَ خَيْرُ الناصرين} وذلك للتنبيه على عظم ما يلقيه - تعالى -.
وقرأ أيوب السَّخْتِيانيّ «سَيُلْقِي» بالغيبة؛ جَرْياً على الأصل. وقدم المجرور على المفعول به؛ اهتماماً بذكر المحلّ قبل ذكر الحَال: والإلقاء - هنا - مجاز؛ لأن أصلَه في الأجرام، فاستُعِيرَ هنا، كقول الشَّاعر:[الطويل]
وقرأ ابنُ عامرٍ والكسائيُّ، وأبو جعفرٍ، ويعقوبُ:«الرُّعْب» و «رُعْباً» - بضم العين - والباقون بالإسكان فقيل: هما لغتان.
وقيل: الأصل الضم، وخُفِّف، وهذا قياس مطردٌ.
وقيل: الأصلُ السكون، وضُمَّ إتباعاً كالصبْح والصبُح، وهذا عكس المعهود من لغة العربِ.
والرُّعْب: الخوف، يقال: رعيته، فهو مرعوب، وأصله من الامتلاء، يقال: رَعَبْتُ الحوض، أي: ملأته وسَيْل راعب، أي: ملأ الوادي.
فصل
قيل: هذا الوعدُ مخصوصٌ بيوم أحُد؛ لأن الآياتِ المتقدمة إنما وردت في هذه الواقعة. والقائلون بهذا ذكروا في كيفية إلقاء الرعبِ في قلوب المشركين وجهين:
الأول: أن الكفارَ لما هزموا المسلمين أوقع اللهُ الرعب في قلوبهم، فتركوهم، وفرّوا منهم من غير سبب، حتى رُوِيَ أن أبا سفيان صعد الجبل، وقال: أين ابنُ أبي كبشةَ؟ أين ابن أبي قُحافةَ؟ أين ابن الخطابِ؟ فأجابه عمر، ودارت بينهم كلماتٌ، وما