للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في الصلة وتحذفها، كما قرئ: {تَمَاماً عَلَى الذي أَحْسَنَ} [الأنعام: ١٥٤] . فقوله: ويجوزُ يعني من حيث الصناعةِ، وأما كونها قراءة، فلا نحفظها.

فصل

الليْنُ: الرفق. ومعنى الكلام. فبرحمة من الله لنت لهم، أي: سهلت لهم أخلاقك، وكثر احتمالك، ولم تسرع إليهم فيما كان منهم يوم أُحُدٍ. واحتجوا - بهذه الآية - على مسألة القضاء والقدر، لأن اللهَ بين أن حسن الخلق إنما كان بسبب رحمة الله تعالى.

قوله: {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ القلب لَانْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} الفظاظةُ: الجفوة في المعاشرة قولاً وفعلاً، قال الشَّاعرُ: [البسيط]

١٦٧٩ - اخشَى فَظَاظَةَ عَمٍّ، أوْ جَفَاءَ أخ ... وَكُنْتُ أخْشَى عَلَيْهَا مِنْ أذَى الْكَلم

والغلظُ: كبر الإجرام، ثم تجوز به في عدم الشفقة، وكثرة القسوةِ في القلب.

قال الشاعرُ: [البسيط]

١٦٨٠ - يُبْكَى عَلَيْنَا وَلَا نَبْكِي عَلَى أحَدٍ ... ونَحْنُ أغْلَظُ أكْبَاداً مِنَ الإبِلِ

وقال الراغبُ: الفَظَّ: هو الكريه الخُلُق، وقال الواحديُّ: الفَظُّ: الغليظُ الجانبِ، السيِّء الخُلُق وهو مستعارٌ من الفَظِّ، وهو ماء الكرش، وهو مكروه شُربه إلا في ضرورة.

وقال الراغبُ: الغَلِظ: ضد الرِّقَّةِ، ويقال: غلظ بالكسر والضم وعن الغِلْظة تنشأ الفظاظة.

فإن قيل: إذا كانت الفظاظةُ تنشأُ عن الغلظة، فلم قُدَِّمَتْ عَلِيْهَا؟

فالجوابُ: قُدِّم ما هو ظاهر للحس على ما خافٍ في القلب؛ لأن الفظاظة: الجفوة في العِشْرَة قولاً وفعلاً - كما تقدم - والغلظة: قساوة القلب، وهذا أحسن من قول من جعلهما بمعنى، وجمع بينهما تأكيداً. وأما الانفضاض والغضّ فهو تفرُّق الأجزاء وانتشارها. ومنه فضَّ ختم الكتاب، ثم استُعِير منه انفضاض الناس، قال تعالى: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا} [الجمعة: ١١] ومنه يقال: لا يفضض اللهُ فاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>