في الصلة وتحذفها، كما قرئ:{تَمَاماً عَلَى الذي أَحْسَنَ}[الأنعام: ١٥٤] . فقوله: ويجوزُ يعني من حيث الصناعةِ، وأما كونها قراءة، فلا نحفظها.
فصل
الليْنُ: الرفق. ومعنى الكلام. فبرحمة من الله لنت لهم، أي: سهلت لهم أخلاقك، وكثر احتمالك، ولم تسرع إليهم فيما كان منهم يوم أُحُدٍ. واحتجوا - بهذه الآية - على مسألة القضاء والقدر، لأن اللهَ بين أن حسن الخلق إنما كان بسبب رحمة الله تعالى.
قوله:{وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ القلب لَانْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} الفظاظةُ: الجفوة في المعاشرة قولاً وفعلاً، قال الشَّاعرُ:[البسيط]
وقال الراغبُ: الفَظَّ: هو الكريه الخُلُق، وقال الواحديُّ: الفَظُّ: الغليظُ الجانبِ، السيِّء الخُلُق وهو مستعارٌ من الفَظِّ، وهو ماء الكرش، وهو مكروه شُربه إلا في ضرورة.
وقال الراغبُ: الغَلِظ: ضد الرِّقَّةِ، ويقال: غلظ بالكسر والضم وعن الغِلْظة تنشأ الفظاظة.
فإن قيل: إذا كانت الفظاظةُ تنشأُ عن الغلظة، فلم قُدَِّمَتْ عَلِيْهَا؟
فالجوابُ: قُدِّم ما هو ظاهر للحس على ما خافٍ في القلب؛ لأن الفظاظة: الجفوة في العِشْرَة قولاً وفعلاً - كما تقدم - والغلظة: قساوة القلب، وهذا أحسن من قول من جعلهما بمعنى، وجمع بينهما تأكيداً. وأما الانفضاض والغضّ فهو تفرُّق الأجزاء وانتشارها. ومنه فضَّ ختم الكتاب، ثم استُعِير منه انفضاض الناس، قال تعالى:{وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا}[الجمعة: ١١] ومنه يقال: لا يفضض اللهُ فاك.