على مَنْ غَلَّ دليلٌ على تعظيم الغلولِ، وتعظيم الذنب فيه، وأنه من الكبائر، وهو من حقوق الآدميين، ولا بُدَّ فيه من القصاص بالحسنات والسيئات، ثم صاحبه في المشيئة وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«شَرِاكٌ أو شَرِاكَانِ مِنْ نَارٍ» مثل قوله: «أدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمَخِيطَ» وهذا يدل على أن القليلَ والكثير لا يحلّ أخذهُ في الغَزْو قبل المقاسم، إلا ما أجمعوا عليه من أكل المطاعم في أرض الغزو والاحتطابِ والاصطيادِ.
فصل
قال القرطبيُّ: أجمع العلماءُ على أنه يجب على الغالِّ أن يرد ما غله إلى صاحب المقاسم قبل أن ينصرف الناسُ - إذا أمكنه - فذلك توبته. واختلفوا فيما يُفْعَل به إذا افترق أهلُ العسكر ولم يصل إليه، فقال جماعة من أهل العلمِ: يدفع إلى الإمام خمسه ويتصدق بالباقي - وكذا كل مال لا يعرف صاحبه فإنه يُتَصدق به - وقال الشاافعيُّ: ليس له الصدقة بمال غيره.
فصل
اختلفوا هل يعاقب الغلّ بإحراق متاعه؟ قال مالك والشافعيُّ وأبو حنيفة وأصحابهم والليث: لا يحرق متاعه.
وقال الشافعيُّ: إن كان عالماً بالنهي عوقب.
وقال الأوزاعيُّ: يُحْرَق متاع الغال كلُّه إلا سلاحه وثيابَه التي عليه وسرجه، ولا يُنْزَع منه دابتُه، ولا يُحْرَقُ الشيءُ الذي غَلَّ، وهذا قول أحمد وإسحاق، وقال الحسن: إلا أن يكون حيواناً أو مصحفاً.
فصل
في العقوبة بالمال، قال مالك - في الذَّمِّيّ الذي يبيع الخمرَ من المُسْلِمِ - يراق الخمر على المُسْلِمِ، ويُنْزَع الثمن من الذميّ؛ عقوبةً له؛ لئلا يبيعَ الخمر بين المسلمين، وقد أراق عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - لبناً شِيَبَ بِماء.
فصل
من الغلول هدايا العمال؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للذي أهْدِيَ إليْه، وكان بعضه على الصدقة،