فأهْدِيَ إليه فقال: هذا لكم، وهذا أهْدِيَ إليَّ فقال عليه السلام:«مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ، فَيَجِيءُ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، هَذَا لَكُمْ، وهَذَا أهْدِيَ إليَّ، ألَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أُمِّهِ وَأبِيهِ، فَيَنْظُرَ أيُهْدَى إلِيْهِ أَمْ لَا» .
فصل
ومن الغلول - أيضاً - حَبْس الكتبِ عن أصحابها، وما في معناها.
قال الزهريُّ: إياك وغلول الكتبِ، فقيل له: وما غلول الكتب؟ قال حبسها عن أصحابها. وقد قيل - في تأويل قوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} أي: يكتم شيئاً من الوحي؛ رغبةً، أو رهبةً، أو مُدَاهَنَةً.
قوله:{ثُمَّ توفى} هذه الجملة معطوفة على الجملة الشرطية، وفيها إعلامٌ أن الغالَّ وغيره من جميع الكاسبين لا بد وأن يُجَازوا، فيندرج الغالُّ تحت هذا العموم - أيضاً - فكأنه ذُكِرَ مرتَيْن.
قال الزمخشريُّ: فإن قلتَ: هلَاّ قِيلَ: ثم يُوَفَّى ما كسب؛ ليتصل به؟
قلت: جيء بعامٍّ دخل تحته كلُّ كاسب من الغالِّ وغيره، فاتصل به من حيث المعنى، وهو أثبتُ وأبلغ.
فصل
تمسك المعتزلة بهذا في إثبات كون العبد فاعلاً، وفي إثبات وعيد الفساق.
أما الأول: فلأنه - تعالى - قال - في القاتل المتعمد -: {فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا}[النساء: ٩٣] وأثبت في هذه الآية أن كلَّ عاملٍ يصل إليه جزاؤه، فيحصل - من مجموع الآيتين - القطع بوعيد الفساق.
والجواب عن الأول: المعارضة بالعلم، وعن الثاني: أن هذا العموم مخصوص في صورة التوبةِ فكذلك يجب أن يكون مخصوصاً في صورة العفو، للدلائل الدالة على العفو. ثم قال تعالى:{وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} .