للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال شهابُ الدين: «وجواب هذا الردِّ واضحٌ وليت أبا القاسم لم يذكر تخريج هذه القراءة؛ لكي نسمع ما يقول هو» .

والجمهورُ على ضم الفاء - من أنفسهم - أي: من جملتهم وجنسهم، وقرأت عائشةُ، وفاطمةُ والضّحّاكُ، ورواها أنس عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بفتح الفاء، من النَّفاسة - وهي الشرف - أي: من أشرفهم نسباً وخَلْقاً، وخُلُقاً.

وعن علي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «أنا أنفسكم نسباً، وحسباً، وصهراً» وهذا الجارُّ يحتمل وجهين:

الأول: أن يتعلق بنفس «بعث» .

الثاني: أن يتعلق بمحذوف، على أنه وصف ل «رسولاً» فيكون منصوب المحل، ويقوي هذا الوجه قراءة فتح الفاء.

فصل في المراد ب «أنفسهم»

قيل: أراد به العرب؛ لأنه ليس حَيّ من أحياء االعرب إلا وقد ولد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ولد فيهم نسب، إلا بني تغلب، لقوله تعالى: {هُوَ الذي بَعَثَ فِي الأميين رَسُولاً مِّنْهُمْ} [الجمعة: ٢] .

وقال آخرون: أراد به جميع المؤمنين.

ومعنى قوله: «من أنفسهم» أي: بالإيمان والشفقة، لا بالنسب، كقوله تعالى: {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ}

[التوبة: ١٢٨] .

ووجه هذه المِنَّة: أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يدعوهم إلى ما يُخَلِّصُهم من عقابِ الله، ويوصلهم إلى ثواب الله، كقوله تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلَاّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧] وأيضاً كونه من أنفسهم لأنه لو كان من غير جنسهم لم يَرْكَنوا إليه.

وخص هذه المنة بالمؤمنين لأنهم المنتفعون بها، كقوله: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: ٢] .

فصل

قال الواحدي: المَنّ - في كلام العرب - بإزاء مَعَانٍ:

أحدها: الذي يسقط من السماء، قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ المن والسلوى} [البقرة: ٥٧] .

ثانيها: أن تُمَنَّ بما أعطيتَ كقوله: {لَا تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بالمن والأذى} [البقرة: ٢٦٤] .

ثالثها: القَطْع، كقوله: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [الانشقاق: ٢٥] وقوله: {وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ} [القلم: ٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>