للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

رابعها: الإنعام والإحسان إلى مَنْ يطلب الجزاء منه، ومنه قوله: {هذا عَطَآؤُنَا فامنن أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [ص: ٣٩] . وقوله: {وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: ٦] . والمنَّان - في صفة الله تعالى -: المُعْطِي ابتداً من غير طلب عِوَضٍ، ومنه الآية: {لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى المؤمنين} [آل عمران: ١٦٤] أي: أنعم عليهم، وأحْسَن إليهم ببعثِهِ هذا الرسول.

قوله: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} [الجمعة: ٢] في محل نصب حال، أو مستأنف.

وقال القرطبي: «يتلو» في موضع نصب، نعت ل «رسولاً» - وقد تقدم نظيرها في البقرة. {وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكتاب والحكمة} [آل عمران: ١٦٤] معنى الآية: يبلغهم الوحي، ويطهرهم، ويعلمهم الكتاب - أي: معرفة الأحكام الشرعية - والحكمة - أي: أسرارها وعِلَلَها ومنافعها - ثم قال: {وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} وهذا وَجْه النعمة؛ لأن ورود العلم عقيب الجهل من أعظم النعم.

قوله: {وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} هي «إن» المخففة، واللام فارقة - وقد تقدم تحقيقه - إلا أن الزمخخشري ومكيًّا - هنا - حين جعلاها مخففة قدَّرَا لها اسماً محذوفاً.

فقال الزمخشري: «وتقديره: إن الشأن، وإن الحديث كانوا من قبل» . وقال مكي: «وأما سيبويه فإنه قال» إن «مخففة من الثقيلة، واسمها مضمر، والتقدير - على قوله -: وإنهم كانوا من قبل لفي ضلال مبين» وهذا ليس بجيّد؛ لأن «إن» المخففة إنما تعمل في الظاهر - على غير الأفصح - ولا عمل لها في المضمر ولا يقَدَّر لها اسمٌ محذوفٌ ألبتة، بل تُهْمَل، أو تعمل - على ما تقدم - مع أن الزمخشريَّ لم يُصَرِّحْ بأن اسمها محذوف، بل قال: «إن» هي المخففة من الثَّقِيلَةِ، واللام فارقة بينها وبين النافية، وتقديره: وإن الشأن والحديث كانوا؛ وهذا تفسيرُ معنى لا إعراب.

وفي هذه الجملة وجهان:

أحدهما: أنها استئنافية، لا محلَّ لَهَا مِنَ الأعْرَاب.

والثاني أنها محل نَصْب على الحال من المفعول به - في: «يعلمهم» وهو الأظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>