سعيدٌ، وعبد الرحمن بنُ عوفٍ، وعبدُ الله بنُ مسعودٍ، وحديفةُ بنُ اليَمانِ، وأبو عبيدةَ بنُ الجراح، حتى بلغوا حمراء الأسد - وهي من المدينة على ثمانية أميال - روي عن عائشةً أنَّها قالتْ - لعبدِ الله بن الزُّبَيْر: ابنَ أختي، أما - والله - إن أباك وجَدَّك - تعني أبا بكر والزبير - لَمِنَ الذين قال الله - عَزَّ وَجَلَّ - فيهم:{الذين استجابوا للَّهِ والرسول} .
وروي أنه كان فيهم مَنْ يحمل صاحبه على عنقه ساعةً، ثم كان المحمولُ يحملَ الحاملَ ساعةً أخرى، وذلك لكثرة الجراحاتِ فيهم، وكان منهم من يتوكأ على صاحِبِه ساعةً، ويتوكأ عليه صاحبه ساعة أخرى فمر برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَعْبَدٌ الخُزَاعِيُّ بحمراء الأسدِ، وكانت خزاعةُ - مسلمهم وكافرهم - عَيْبَة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بتهامة، صَفْقَتُهُمْ معهم ولا يُخفونَ عنه شيئاً كان بها، ومعبد - يومئذ - مشرك، فقال: يا محمدُ والله لقد عَزَّ علينا ما أصابك في أصحابك، ولوددنا أن الله قد أعفاك منهم.
ثم خرج من عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حتى لقي أبا سفيان ومَنْ معه - بالروحاء - قد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقالوا: قد أصبنا جُلَّ أصحابه وقادتهم، لنكرَّنَّ على بقيتهم، فلنفرغن منهم فلما رأى أبو سفيان معبداً قال: ما وراءك يا معبدُ؟ قال: محمد وقد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثلَه قط، يتحرقون عليكم تحرُّقاً، قد اجتمع معه مَنْ كان تخلف عنه في يومكم، وندموا على صنيعكم وفيهم من الحنَقِ عليكم شيء لم أرَ مِثْلَه قط، قال ويلك ما تقول؟ قال: والله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصي الخيل. قال: والله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل بقيتهم. قال: فإني أنهاك عن ذلك، فوالله لقد حملني ما رأيتُ على أن قلت فيه أبياتاً:[البسيط]