فقالوا: أين تريدون؟ قالوا: نريد المدينةَ قالوا: ولِمَ؟ قالوا: نريد المِيرَة، قال فهل أنتم مبلِّغون محمداً عني رسالةً وأحمِّلُ لكم إِبلَكم زبيباً ب» عكاظ «غداً إذا وافيتمونا؟ قالوا: نَعَمْ، قال فإن جئتموه فأخبروني فأخبروه أنا قد جمعنا إليه وإلى أصحابه؛ لنَسْتَأْصِلَ بقيته، وانصرف أبو سفيان إلى مكةَ. ومرَّ الركب برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهو ب» حمراء الأسد «فأخبروه بالذي قال أبو سفيان، فقال رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: حَسْبُنَا الله ونِعْمَ الوكيلِ، ثم انصرف رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلى المدينة.» هذا قولُ أكثرِ المفسّرين.
الثاني:«قال الأصمُّ: نزلت هذه الآية في يوم أحُدٍ، لما رجع الناس إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعد الهزيمة، فشدّ بهم على المشركين حتى كشفهم وكانوا قد هموا هم بالمُثْلة، فدفعهم عنها بعد أن مثَّلوا بحمزةَ، فقذف في قلوبهم الرُّعْبَ، فانهزموا، وصلى عليهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ودفنهم بدمائهم. وذكروا أن صفيةَ جاءت لتنظرَ إلى أخيها حمزةَ، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للزبير: رُدَّها؛ لئلا تجزع من مُثْلَةِ أخيها، فقالت: قد بلغني ما فُعِلَ به، وذلك يسيرٌ في جَنْب طاعةِ الله تعالى، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للزُّبَيْر: فَدَعْها، لتنظرَ إليه، فقالت خيراً، واستغفرت له. وجاءت امرأة - قُتِل زَوْجُها وأبوها وأخوها وابنُها - فلما رأت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهو حَيٌّ قالت: كل مصيبةٍ بعدك هدر.»