للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ} أَوْهَمَ ذلك أنه لا يُطْلِعُ أحداً على غيبه؛ لعموم الخطابِ - فاستدرك الرُّسُلَ. والمعنى: {وَلَكِنَّ الله يَجْتَبِي} أي يصطفي {مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَآءُ} فَيَطْلِعُهُ على الغيبِ، فهو ضِدٌّ لما قبله في المعنى، وقد تقدم أنها بين ضِدَّيْنِ ونقيضَيْن، وفي الخلافين خلافٌ.

يَجْتَبِي: يصطفي ويختار، من: جَبَوْت المال والماء، وجبيتهما - لغتان - فالياء في يجتبي يُحْتَمَل أن تكون على أصلها، ويُحْتَمل أن تكون منقلبةً عن واوٍ؛ لانكسارِ ما قبلها.

ومفعول «يَشَاءُ» محذوفٌ، وينبغي أن يقدر ما يليق بالمعنى، والتقدير: يشاءُ إطلاعه على الغيب.

قوله: «فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ» يعني أن هذه الشبهة الذي ذكرتموها في الطعن في نبوة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من وقوع الحوادث المكروهة في قصة أُحُد، وقد أجبْنا عنها، فلم يَبْقَ إلا أن تُؤمِنوا بالله ورُسُله. وإنما قال: «وَرُسُلِهِ» ولم يَقُلْ: ورسوله؛ لأن الطريقةَ الموصلةَ إلى الإقرار بنبوَّة الأنبياء ليس إلا المُعْجِز، وهو حاصل في حقِّ محمَّدْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فوجب الإقرار بنبوة الأنبياء، فلهذا قال: «وَرُسُلِهِ» لأن طريقة إثبات نبوة جميع الأنبياءِ واحدٌ، فمن أقر بنبوة واحدٍ لزمه الإقرار بنبوَّة الكُلِّ، ثم لمَّا أمرهم بذلك وعدهم بالثواب فقال: «وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>