رابعها: أنه حالٌ من الضمير في «تَجْرِي» العائد على «جَنَّات» وخصَّص أبو البقاء كونه حالاً بجَعْله بمعنى الشيء المُثَاب بِهِ، قال: وقد يقع بمعنى الشيء المثاب به، كقولك: هذا الدرهم ثوابك، فعلى هذا يجوز أن يكونَ حالاً من [ضمير الجنّاتِ، أي: مثاباً بها، ويجوز أن يكون حالاً من] ضمير المفعول به في «لأدْخِلَنَّهُم» .
خامسها: نصبه بفعل محذوف، أي: نعطيهم ثواباً.
سادسها: أنه بدل من «جَنَّاتٍ» وقالوا: على تضمين «لأدْخِلَنَّهُمْ» لأعْطِيَنَّهُمْ، لما رأوا أنَّ الثوابَ لا يصح أن ينسب إليه الدخولُ فيه، احتاجوا إلى ذلك.
ولقائل أن يقول: جعل الثواب ظرفاً لهم، مبالغة، كما قيل في قوله:{تَبَوَّءُوا الدار والإيمان}[الحشر: ٩] .
سابعها: أنه نصب على التمييز، وهو مذهب الفرّاء.
ثامنها: أنه منصوبٌ على القطعِ، وهو مذهبُ الكسائيّ، إلا أن مكِّياً لما نقل هذا عن الكسائي فَسَّر القطع بكونه على الحالِ، وعلى الجملة فهذانِ وجهانِ غريبانِ.
وقوله:{مِّن عِندِ الله} صفةٌ له، وهذا يدل على كون ذلك الثَّوابِ في غايةِ الشرف، كقول السلطانِ العظيم: أخلع عليك خلعة من عندِي.
قوله:{والله عِندَهُ حُسْنُ الثواب} الأحسن أن يرتفع {حُسْنُ الثواب} على الفاعلية بالظرف قبله؛ لاعتماده على المبتدأ قَبْله، والتقدير: والله استقر عنده حُسْنُ الثَّوابِ.
ويجوز أن يكون مبتدأ، والظرف قبله خبره، والجملة خبرُ الأولِ.
وإنما كان الوجه الأول أحسنَ؛ لأنّ فيه الإخبار بمفرد - وهو الأصل - بخلاف الثّانِي، فإنَّ الإخبار فيه بجملة وهذا تأكيد لكونه ذلك الثوابِ في غايةِ الشرفِ.