هذه القراءة: سَيُصْلون من أصلي مثل يكرمون من أكرم، فاستثقلت الضَّمَّةُ على الياء فحذفت، فالتقى السَّاكنان فَحُذِفَ أولُهما وهو الياءُ وَضَمُّ ما قبل الواو ليصح و «أصْلَى» يُحتمل أنْ تكون الهمزةُ فيه للدُّخول في الشَّيءِ، فَيَتَعَدَّى لواحدٍ وهو {سَعِيراً} ، وأن تكون للتَّعدية، فالمفعول محذوف أي: يُصْلَونَ أنفْسهم سعيراً.
وأبو حَيْوَةَ بضم الياء وفتح الصَّادِ واللَاّم مُشَدَّدَة مبنياً للمفعول من صَلَّى مضعفاً.
قال أبُو البَقَاءِ: والتّضعيفُ للتكثير.
والصَّلْي: الإيقاد بالنَّارِ، يقال: صَلِيَ بكذا - بكسر العين - وقوله {لَا يَصْلَاهَآ} أي: يَصْلَى بها.
وقال الخليلُ: صَلِيَ الكافرُ النَّارَ أي: قَاسَى حَرَّها وصلاه النَّارَ وَأصْلَاهُ غيرهُ، هكذا قال الرَّاغِبُ. وظاهرُ العِبَارَةِ أنَّ فَعِلَ وَأفْعَل [بمعنى] ، يتعدَّيان إلى اثنين ثانيهما بحرفِ الجرِّ، وقد يُحْذَف.
وقال غيره:«صَلِيَ بالنَّارِ أي: تَسَخَّنَ بقربها» ف {سَعِيراً} على هذا منصوبٌ على إسقاط الخَافض. وَيَدُلُّ على أنَّ أصْلَ «يَصْلاها» يَصْلَى بها قول الشاعر: [الطويل]
قال الفرَّاءُ: الصلى: اسم الوقود وهو الصّلاء إذا كسرت مدّت، وإذا فتحت قُصِرَتْ، ومن ضَمِّ الياء فهو من قولهم: أصْلَاهُ الله حَرَّ النَّار إصلاء، قال:{فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً}[النساء: ٣٠] وقال: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ}[المدثر: ٢٦] .
وقال أبو زَيْدٍ: يقال: صَلِيَ الرَّجلُ النَّارَ يَصْلَاهَا صَلًى وصلاءً، وهُوَ صَالِي النَّارِ، وقوم صالون وصلاء، قال تعالى:{إِلَاّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم}[الصافات: ١٦٣] وقال: {أولى بِهَا صِلِيّاً}[مريم: ٧٠] والسّعير في الأصل الجمر المشتعل، وسَعَرْتُ النَّارَ أوقدتها، ومنه: مُسْعِرُ حَرْبٍ، على التشبيه، والمِسْعَرُ: الآلةُ الَّتي تُحَرَّكُ بها النَّارُ.
فصل
روي أنَّهُ لما أنزلت هذه الآية ثقل ذلك على النَّاسِ فاحترزوا عن مخالطة اليتامى