قال أبُو مٌسْلِمٍ: يَدُلُّ على صِحَّةِ ما ذكرنا قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «إذَا أتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ، وَإذَا أتَت الْمَرْأةُ الْمَرْأةَ فَهُمَا زَانِيَتَان» . واحتجُّوا على إبطال كلام أبي مسلم بوجوه:
الأوَّلُ: أنَّ هذا قول لم يقله أحدٌ من المفسّرين المتقدّمين.
الثَّاني: أنَّه روي في الحديث أنَّهُ عليه السَّلام قال: «قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً الثَّيِّبُ تُرْجَمُ وَالْبِكْرُ تُجْلَدُ» وهذا يدلُّ على أنَّ هذه الآية نازلة في حقِّ الزُّنَاةِ.
الثَّالث: أنّ الصحابة اختلفوا في حكم اللِّواط، ولم يتمسّك أحد منهم بهذه الآية، فعدم تمسكهم بها مع شدَّةِ احتياجهم إلى نَصٍّ يدلُّ على هذا الحكم من أقوى الدَّلائل على أنَّ هذه الآية ليست في اللواطة.
وأجاب أبو مسلم عن الأوَّل بأنَّ هذا الإجماع ممنوع، فلقد قاتل بهذا القول مجاهدق، وهو من أكابر المفسرين، وقد ثبت في أصول الفقه أنَّ استنباط تأويل جديد في الآية لم يذكره المتقدمون جائز.
والجوابُ عن الثَّاني أنَّ هذا يفضي إلى نسخ القرآن بخبر الوَاحِدِ، وإنَّهُ غير جائز.
وعن الثَّالِثِ أن مطلوب الصَّحابة أنَّهُ هل يُقام الحدُّ على اللوطي وليس في هذه الآية دلالة على نفي ولا إثبات فلهذا لم يرجعوا إليها.
فصل
المرادُ من قوله:{مِن نِّسَآئِكُمْ} أي: زوجاتكم لقوله: {والذين يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ}[المجادلة: ٣] وقوله: {فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}[النساء: ٢٣][من نسائكم] وقيل: أي: من الثيب. وقوله:«فأمسكوهن» أي احبسوهنّ في بيوتكم، والحكمة فيه أنَّ المرأة إنَّمَا تقع في الزِّنَا عند الخروج والبروز، فإذا حُبِسَتْ في البيت لم تقدر على الزِّنَا، وتعتاد العفاف عن الزّنا.
قل عبادة بن الصّامت والحسن ومجاهد: كان هذا في ابتداء الإسلام حتى نسخ بالإذى الّذي بعده، ثمَّ نسخ ذلك بالرّجم في الثيّب.