ظاهر قوله:«وَمَنْ لم يستطِع منكُم طولاً أن ينكح المُحصناتِ المُؤْمنِات فمِنْ ما ملكتْ أيمانكم من فتياتكم المؤمنات» يقتضي كون الإيمان معتبراً من الحرَّة فعلى هذا لو قدر على طول حرّة كتابيَّة، ولم يقدر على طول أمةٍ مسلمةٍ فإنَّهُ يجوزُ له أن يتزوّج بالأمةِ، وأكثرُ العُلماء على أنَّ ذكر الإيمان نذب في الحرائرِ، ولا فرق بين [الأمة] المؤمنة والكتابيَّة في كثرة المؤمنة وقلتها.
فصل
في التَّحذيرِ من نكاح الأمَاءِ وجوهٌ منها: - الولد ينبع الأمِّ في الحريَّة والرِّق فيصير الولد رقيقاً.
قال عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: أي حُرٍّ تَزوَّجَ بأمَةٍ، فقد رَقّ نِصْفُهُ، يعني: يصير وَلَدُهُ رقيقاً.
وقال سعيدُ بْنُ جُبير: ما نكاح الأمة من الزِّنَا إلا قريب، قال الله تعالى:{مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} أي عنْ نِكَاحِ الإمَاءِ.
ومنها أنَّ الأمَةَ تكون قد تعوّدت الخروجَ، والبروزَ والمخالطةَ للرِّجَالِ وصارت في غاية الوقَاحةِ، ورُبَّمَا تَعَوَّدَت الفجورَ.
ومنها أن حقّ المولى عليهم أعظم من حقِّ الزَّوْجِ، ولا تخلص للزَّوْج كخلوص الحُرَّةِ، وربَّما احتاج الزَّوْجُ إليها جداً، ولا يجد إليها سبيلاً [لحبس السيّد لها] .
ومنها أنَّ المولى قد يبيعها من إنسان آخر، فعلى قول من يقول بيع الأمَةِ يُوجِبُ طلاقها تصير مطلَّقَة شاء الزَّوْجُ أم أبى، وعلى قول من لا يرى ذلك فقد يُسَافِر المولى بها وبولدها، وذلك من أعْظَمِ المَضَارّ.
ومنها أن مهرها ملك لمولاها، فلا تَقْدِرُ على هبته لِزوجهَا، ولا إبرائه بخلاف الحرَّةِ، فلهذه الوجوه لم يُؤْذَنْ في نِكَاحِ الأمةِ إلا على سبيل الرُّخصةِ.
وروى أبُو هريرة قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول [الحرائر] صلاح البيت