قال بعضُ العُلَمَاءِ:«النَّهي [عن] التَّمنِّي المذكورِ في هذهِ الآية، هو ما لا يجوزُ تمنِّيه من عَرَضِ الدُّنْيَا، وأشباهها، وأما التَّمني في الأعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فحَسَنٌ قال عليه السَّلامُ:» اللَّهُمَّ وَددْتُ أنِّي أحْيَى، ثُمَّ أقتَلُ [ثم أحيي ثم أقتل «] ، وذلك يَدُلُّ على فَضْلِ الشَّهَادةِ على سَائِر أعْمَالِ البِرّ؛ لأنَّهُ - عليه السلامُ - تمنَّاهَا دون غيرها فرزقه اللَّهُ إيَّاهَا لقوله عليه السلامُ:» مَا زَالَتْ أكْلةَ خيبرٍ تعاودني [كُل عامٍ، حتى كان هذا] أوان انقطاع أبْهري «.
وفي الصَّحِيح:» إنَّ الشَّهيد يُقالُ لَهُ: تَمَنَّ، فَيقُولُ: أتَمَنَّى أنْ أرجعَ إلى الدُّنْيَا، فأقتَل في سَبيلكَ مَرَّة أخْرَى «وكان عليه السَّلامُ يتمنى إيمانَ أبي طالب وأبي لهب، وصَنَادِيد قُرَيْشٍ، مع علمه بأنَّهُ لا يكونُ.
وقيل: ما قدر لهن من الميراث، يجبُ أن يرضوا به، ويتركوا الاعتراض نهى اللَّهُ - عزَّ وجلَّ - عن التَّمنِّي على هذا الوجه لما فيه من دَوَاعِي الحَسَدِ، ولأنَّ اللَّه - عزّ وجلّ - أعلم بمصالحهم منهم؛ فوضَعَ القِسْمَةَ بينهم مُتَفَاوِتَةً على حَسْبِ ما علم مِنْ مصالِحِهمْ ويكونُ الاكتساب بمعنى: الإصَابَةِ.
وقيل: ما يَسْتَحِقُّوهُ من الثَّواب في الآخِرَةِ.
وقيل:[المرادُ] الكلُّ؛ لأنَّ اللَّفْظَةَ محتملة ولا منافاة.
فصل: إثبات الهمزة في الأمر من السؤال
الجمهورُ على إثْباتِ الهمْزَةِ في الأمرِ من السُّؤالِ الموجه نحو المخاطب، إذا تَقدَّمَهُ واو، أو فاء نحو:{فَاسْأَلِ الذين يَقْرَءُونَ}[يونس: ٩٤] ، {واسألوا الله مِن فَضْلِهِ}[النساء: ٣٢] ، وابن كثير، والكسَائِي بنقل حركة الهمْزَة إلى السِّين تخفيفاً لكثرة استعماله. فإن لم تتقدَّمه واو، ولا فاء، فالكًُلُّ على النقل نحو:{سَلْ بني إِسْرَائِيلَ}[البقرة: ٢١١] ، وإن كان لغائب، فالكُلُّ على الهمز نحو:{وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ}[الممتحنة: ١٠] .