وَوَهِمَ ابْنُ عَطيَّة، فنقل اتِّفَاقَ القُرَّاءِ على الهَمْزِ في نحو:{وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ}[الممتحنة: ١٠] ، وليس اتفاقهم في هذا، بل في «وليسألوا ما أنفقوا» كما تقدَّم.
وتخفيف الهَمْزَةِ لغةُ الحِجَازِ، ويحتملُ أن يكونُ ذلك من لغة من يقُولُ «سَالَ يَسَالُ» بألف مَحْضَةٍ، وقد تقدَّمَ تحقيق ذلك، وهذا إنَّمَا يتأتى في «سَلْ» ، و «فَسَلْ» وأمّا «وسَألوا» ، فلا يَتَأتَّى فيه ذلك؛ لأنَّهُ كان ينبغي أنْ يُقَالَ: سالوا كَخَافُوا، وقد يُقَالُ: إنَّهُ التزم الحذف لكثرة الورود، وقد تقدّم في البَقَرة عند {سَلْ بني إِسْرَائِيلَ}[البقرة: ٢١١] .
وهو يَتعَدَّى لاثْنَيْنِ، والجلالة مفعول أوّل، وفي الثَّاني قولان:
والثَّاني: أن «مِنْ» زائدة، والتَّقديرُ:«واسألوا الله فَضْلَهُ» ، وهذا إنَّما يَتَمَشَّى على رَأي الأخْفَشِ لفقدان الشَّرْطَيْنِ، وهما تنكيرُ المجْرُورِ، وكون الكلام [غير موجب] .
فصل
قال عليه السلامُ:«سَلوا اللَّه مِنْ فَضْلِه، فإنَّهُ يحِبُ أنْ يُسْألَ، وأفْضَلُ العِبَادَةِ انْتِظَارُ الفَرَج» ، وقال - عليه السلامُ -: «مَنْ لَمْ يَسْألِ اللَّهَ يَغْضَبْ عليْهِ» .
وقال القُرْطُبِيُّ: «وهذا يَدُلُّ على أنَّ الأمْرَ بالسُّؤالِ للَّهِ تعالى واجبٌ، وهذه الآية تَدُلُّ على أنَّ الإنسَانَ لا يجوزُ له أنْ يعيِّن شيئاً في الدُّعَاءِ، والطَّلب، ولكن يَطْلُبُ مِنْ