عَوْدُ الضَِّميرِ مُفْرَداً على جَمْعِ الإنَاثِ؛ لأنَّهُنَّ في معنى الجنس كأنه قيل:«فمن صلح» فَعَاد الضَّميرِ مُفْرداً بهذا الاعتبارِ، ورُدَّ هذا الوجه بِعَدَمِ مُطَابَقَةِ الضَّميرِ لما يعودُ عليه وهذا جوابه، وجعله ابْنُ جِنّي مثل قول الشَّاعِرِ:[المتقارب]
أي: أوْدَيْنَ، وَيَنْبَغِي أن يُقَالَ: الأصْلُ بما حفظت الله، والحوادث أوْدَتْ، لأنَّهَا يَجُوزُ انْ يَعُودَ الضَّميرُ عَلَى [جمع] الإنَاثِ كَعَوْدِهِ عَلَى الوَاحِدَةِ مِنْهُنَّ، تقول: النِّسَاءُ قَامَتْ، إلَاّ أنَّهُ شَذَّ حذفُ تَاءِ التَّأنيثِ مِنَ الْفِعْلِ المُسْندِ إلى ضَميرِ المُؤنَّثِ.
وقرأ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودِ - وهي في مُصْحَفِهِ كَذَلِكَ - «فالصالح قوانت حوافظ» بالتكسير.
قال ابْن جني: وهي أشْبَهُ بالمَعْنَى لإعطائِهَا الكَثْرَة، وَهِيَ المَقْصُودَةُ هُنَا، يعني: أن «فَوَاعِل» من جُمُوعِ الكَثْرَةِ، وجمع التَّصحيح جمع قلَّةٍ، ما لم تَقْتَرِنْ بالألف واللَاّمِ. وظاهِرُ عِبَارَةَ أبِي البَقَاءِ أنه لِلقِلَّةِ، وَإنْ اقْتَرَنَ ب «أل» فإنَّهُ قال: وجمع التَّصحيح لا يدلّ على الكثرة بوضعِهِ، وقد استعمل فيها كقوله تعالى:{وَهُمْ فِي الغرفات آمِنُونَ}[سبأ: ٣٧] .
وفيما قالهُ [أبُو الفتح] وأبُو البقاءِ نَظَرٌ، فإنَّ «الصَّالِحات» في القراءةِ المَشْهُورَةِ مُعَرَّفَةٌ بِأل، وقَد تَقَدَّمَ أنَّه تكُونُ لِلْعُمُومِ، إلَاّ انَّ العموم المفيد للكثرة، ليس مِنْ صيغَةِ الجَمْعِ، بل مِنْ «ألْ» ، وإذا ثَبَتَ أن «الصَّالِحَاتِ» جمع كَثْرَةٍ، لَزِمَ أنْ يكُونَ «قَانِتَات» و «حَافِظَات» للكثرة؛ لأنَّهُ خبرٌ عن الجميعِ، فَيُفِييدُ الكَثْرَةَ، ألا تَرَى أنَّكَ إذا قلت: الرِّجَالُ قَائِمُونَ، لَزِمَ أنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الرِّجَالِ قَائِماً، ولا يجوز أن يكُونَ بعضُهم قاعداً، فإذاً القراءةُ الشَّهيرةُ وافيةٌ بالْمعنى [المقصود] .
فصل
قال الواحديُّ: لفظ القنُوتِ يُفيدُ: الطَّاعَةَ، وَهُوَ عَامٌّ في طَاعَةِ اللهِ، وطاعة