للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

السُّكْر الذي يَعْلَمُ مِنْهُ ما يَقُول، ومعلوم أنَّ الله - تعالى - لما حرَّم الخَمْر بآية المائدَة، فقد رَفَع هذا الجوازَ، فثبت أن آية المائِدَة ناسِخَةٌ مَدْلُولات هذه الآية.

والجواب: أن هَذَا نَهْي عن قُرْبَان الصَّلاة حَال السُّكْرِ، وتخصيصُ الشيء بالذِّكْرِ لا يَدُلُّ على نَفي الْحُكم عما عداه، إلا على سبيل الظَّنِّ الضَّعيف، ومثل هَذَا لا يَكُون نَسْخاً.

فصل: التكليف بما لا يطاق

قال بَعْضُهم: هذه الآية تَدُلُّ على جواز التَّكْليف بما لا يُطَاق؛ لأنه - تعالى - قال: «ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى» ، وهذه جملة حاليَّة، فكأنه - تعالى - قَالَ للسَّكْرَان: لا تُصَلِّ وأنْت سَكْرَان، وهذا خطاب للسكران.

والجواب عنه: بأن هذا لَيْس خِطَاباً للسَّكْرَان، بَلْ هو خِطَاب للَّذِين آمَنُوا؛ فكأنه قال: يأيُّهَا الذين آمَنُوا لا تَسْكَرُوا، فقد نهى عن السُّكْر؛ ونظيره قوله - تعالى -: {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَاّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢] وهو ليس نَهْياً عن المَوْت، وإنما هو أمْر بالمُدَاوَمَةِ على الإسْلامِ، حتى يَأتيهُ المَوْت وهو في تلك الحَالِ.

قوله: «ولا جنباً» نصب على أنه مَعْطُوف على الحَالِ قبله، وهو قوله: «وأنتم سكارى» عطف المُفْرَد على الجُمْلَة لمّا كَانَتْ في تأويله، وأعاد معها «لا» تَنْبيهاً على أنَّ النَّهْي عن قُرْبَان الصَّلاة مع كل واحدٍ من هَذَيْن الحَالَيْن على انْفِدَادَهَما، فالنَّهي عنها مع

<<  <  ج: ص:  >  >>