للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أنه متعلِّق بمحْذُوفٍ فهو في مَحَلِّ نَصْبٍ؛ لأنه صِفَةٌ ل {حَرَجاً} ، و» مَا «يجُوزُ أن تكون مصدريَّة [وأن تكُون بمَعْنى الَّذِي، أي: حَرَجاً من قَضَائِك، أو مِن الَّذي قضََيْتَهُ] ، وأن تكون [نكرة] موصُوفة، فالعَائِدُ على هَذَيْن القَوْلَيْن مَحْذُوفٌ.

فصل

أقْسَم الله - تعالى - على أنَّهُم لا يَصِيرُون مُؤمنين إلا عِنْد شَرِائِط:

أولُها: {حتى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} ، وهذا يَدُلُّ على أنَّ من لَمْ يَرْض بحُكْم الرَّسُول، -[عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ]- لا يَكُون مؤمناً.

وثانيها: قوله: {ثُمَّ لَا يَجِدُواْ [في أَنْفُسِهِمْ] حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ} .

قال الزجاج: لا تضيقُ صُدورُهُم من أقْضِيَتِك، وقال مُجاهِد: شكّاً، وقال الضَّحَّاك: إثْماً، أي: يأثمُون بإنْكَارِهِم.

وثالثها: قوله: {وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} أي: ينقادوا للأمْرِ كحَالَ الانْقِيَادِ، واعلم أن قوله: {ثُمَّ لَا يَجِدُواْ في أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ} المراد منه: الانْقِيَاد في البَاطِنِ، وقوله {وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} المُرَاد منه: الانْقِيَادُ في الظَّاهِرِ، والحَرَجُ على ثلاثة أوجه:

الأول: بمعنى الشَّكّ؛ كهذه الآية، [و] مثله: {فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ} [الأعراف: ٢] أي: شك.

والثاني «بمعنى الضِّيق؛ قال - تعالى -: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي الدين مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] أي ضيقٍ.

الثالث: بمعنى الإثْمِ؛ قال: - تعالى -: {وَلَا على المرضى وَلَا عَلَى الذين لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ} [التوبة: ٩١] أي: إثْمٌ.

فصل في عصمة الأنبياء

دلَّت هذه الآيةُ على عِصْمَة الأنْبِيَاء - عليهم السلام - عن الخَطَإ في الفَتَاوى والأحْكَام؛ لأنه - تعالى - أوْجَبَ الانْقِيَاد لحُكْمِهِم، وبالغ في ذَلِك الإيَجابِ، وبيَّن أنه لا

<<  <  ج: ص:  >  >>