للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الثالث: أنه حالٌ من الموصُول، وهو في المَعْنَى كالأوَّل، وعلى هَذَيْنِ الوَجْهَيْن فيتعلَّق بمحْذُوف، لأي: كَائِنين من النَّبِيِّين.

الرابع: أن يَتَعلَّق ب «يُطِع» قال الرَّاغِب: [أي] : ومن يُطِع الله والرَّسُول من النَّبِيّين ومَنْ بَعْدَهُم، ويكون قوله: {فأولئك مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم} إشارةٌ إلى الملإ الأعْلَى.

ثم قال: {وَحَسُنَ أولئك رَفِيقاً} ويُبيَّين ذلك قوله - عليه السلام - عند المَوْتِ: «اللهم ألحقني بالرفيق الأعلى» وهذا ظاهِر، وقد أفْسَدَهُ أبو حَيَّتن من جِهَةِ المَعْنَى، ومن جَهَةِ الصِّنَاعَة:

أمَّا من جِهَة المَعْنَى: فلأن الرَّسُول هُنَا هو مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وقد أخْبَر - تعالى - أنَّه من يُطِع الله ورسُولَهُ، فهو مع مَنْ ذَكَرَهُ، ولو جَعَلَ «مع النبيين» متَعلِّقاً ب «يُطِع» ، لكان «من النبيين» تَفْسيراً ل «مَنْ» الشَّرطيَّة، فَيَلْزَم أن يَكُونَ في زَمَانِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -[أو بَعْدَهُ أنْبياء] .

وأمَّا من جِهَةِ الصِّنَاعَةِ؛ فلأن ما قَبْلَ الفَاءِ [يُطيعُونَه، وهذا غَيْر ممْكِن؛ لقوله تعالى: {وَخَاتَمَ النبيين} وقوله]- عليه السلام -: «ولا نَبِيّ بَعْدِي» الوَاقِعَة جَوابَاً للشَّرْطِ لا يعمل فيما بَعْدَهَا، لو قُلْتُ، إن تَضْرِب يَقُم عَمْرو وزَيْداً لم يَجُزْ: وهل هذه الأوْصَاف الأرْبَعة لِصِنْفٍ واحدٍ أو لأصنَافٍ مختلفة؟ قولان.

فصل في تفسير المراد بالنبي والصديق والشهيد

قيل: المُرَاد بالنَّبِيَّين والصِّدِّيقين والشُّهَداء والصَّالِحِين: صِنْفٌ واحد من النَّاس، وقيل: المراد أصْنَاف مُخْتَلِفَة؛ لأن المَعْطُوف يَجبُ أن يكُون مُغَايِراً للمعْطُوف عَلَيْهِ، وقيل: الاخْتِلَاف في الأصْنَافِ الثَّلاثة غير النَّبِيِّين، فالصِّدِّيقُون هُمْ أصْحَابُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، والصِّدِّيق: هو اسمٌ للمُبَالِغِ في الصِّدْقِ، ومن عادَته الصِّدْق.

وقيل: الصِّدِّيق: هو اسمٌ لمن سَبَقَ إلى تَصْديق النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، [وعلى هذا فأبُو بكر أوْلَى الخَلق بهذا الاسْم؛ لأنَّهُ أول من سَبَقَ إلى تَصْديق النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ] ؛ واشْتَهَرَت الرِّوَاية بذلك، وكان عَلَيَّ صَغِيراً واتَّفَقُوا على أنَّ أبا بَكْر لمَّا آمَنَ، جَاءَ بَعْدَ ذلك بِمُدَّة قَلِيلَة بِعُثْمَان بن عَفَّان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -، وطَلْحَة بن الزُّبَيْرِ، وسَعْد بن أبي وقَّاص، وعُثْمَان بن مَظْعُون - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - حتى أسْلَمُوا، فكان إسْلامُه سَبَباً لاقْتِدَاء هؤلاء الأكَابِرِ بِهِ؛ فثبت أنَّه - رضوان الله عَلَيْه - كان أسْبَق النَّاس إسلاماً، وإن كان إسلامُه صَار سَبَباً لاقْتِدَاء

<<  <  ج: ص:  >  >>