للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

السَّفَر: رُفْقَة؛ لارتفاق بَعْضِهِم بِبَعْض، والمَعْنَى: أن هَؤلَاءِ رُفَقَاء في الجَنَّة.

روى أنَس: بن مالِك قال: قال رجُل: يا رسُولَ الله مَتَى السَّاعة؟ قالَ ومَا أعْدَدْتَ لَهَا؛ فلم يَذْكُر كَثيراً إلا أنَّهُ يُحِبُّ الله ورسُوله. قال: فأنْتَ مع مَنْ أحْبَبْت.

قوله: {ذلك الفضل مِنَ الله} «ذَلِكَ» مُبْتَدأ، وفي الخَبَر وَجْهَان:

أحدهما: أنه «الفضل» والجَار والمَجْرُور في مَحَلِّ نَصْبٍ على الحَالِ، والعَامِلُ فيها مَعْنَى الإشَارَة.

والثاني: أنه الجَارُّ، و «الفضل» صِفَة لاسْم الإشَارَة، ويجوز أن يكُون «الفضل» والجار بَعْدَه خَبَرَيْن [ل «ذَلِك» ] على رَأي من يجيزُه.

فصل: في دفع شُبه المعتزلة القائلين بوجوب الثواب

«ذلك» [اسم] إشَارَة إلى ما تَقَدَّم ذكْرُه من الثَّوَابِ، وقد حكم عليه بأنَّه فَضْل من اللهِ، وهذا يَدُلُّ على أن الثواب غير وَاجِبٍ على الهِ - تعالى -، وَيَدُلُّ عليه من جِهَة العَقْلِ أيْضاً وُجُوه:

أحدها: أن القٌدْرَة على الطَّاعَةِ إن كَانَت لا تَصْلُح إلا للطَّاعَةِ، فَخَالِقُ تلك القُدْرَةِ هو الَّذِي أعْطَى الطَّاعَة، فلا يَكُون فعْلُه مُوجباً شَيْئاً، وإن كانت صالحة للمَعْصِيَة أيْضاً، لم يترجَّحْ جَانِب الطَّاعة [لله] على جَانِب المَعْصِيَة إلا بِخَلْقِ الدَّلعِي إلى الطَّاعَة، ويصِيرُ مَجْمُوع القُدْرَةِ والدَّاعِي موجِباً للفِعْل، فخالق هذا المَجْمُوعِ، هو الَّذِي أعْطَى الطَّاعة، فلا يَكُون فِعْلُه مُوجِباً عليه شَيْئاً.

وثانيها: أنَّ نِعم الله على العَبْدِ لا تُحْصَى، وهي مُوجِبةٌ للطَّاعَة والشُّكْر، فإذا وَقَعَتْ في مُقَابَلَة النِّعَم السَّالِفَة، امتنع كَوْنُها مُوجِبَة للثَّوَابِ في المُسْتَقْبَل.

<<  <  ج: ص:  >  >>