وثالثها: أن الوُجُوب يَسْتَلْزِم [اسْتِحْقاق] الذَّمِّ عند التَّرْك، وهذا الاسْتِحْقَاقُ يُنَافِي الإلَهِيَّة، فيمتنع حُصُولُه في حَقِّ الإلَه -[سبحانه وتعالى]-؛ فَثَبَت أنَّ ظاهر الآيَة كَمَا دَلَّ على أنَّ الثَّواب فَضْل من الله - تعالى - فالبَرَاهيِنُ العقْلِيّة القَاطِعَة دَالَّةٌ على ذَلِكَ أيْضَاً.
فصل
يحتمل أن يكُون معنى الآية: ذَلِكَ الثَّوَاب لِكَمَالِ درجَتِه هو الفَضْلُ من الله، وأن ما سِوَاهُ ليس بِشَيء، ويُحْتَمَلُ أن يكوُون ذلك الفَضْلُ المَذْكُور والثَّواب المَذكُور هو من اللهِ لا مِنْ غَيْرِه.
{وكفى بالله} أي: بثَوابِ الآخِرَة، وقيل: لمن أطاع الله ورسوله وأحبه وفيه بَيَان أنَّهم لم ينالوا تلك الدَّرَجَة بطَاعَتِهم، إنَّما نالوها بِفَضْلِ الله - عَزَّ وَجَلَّ -.
روى أبو هُريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -. قال: قال رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «قَارَبُوا وسَدَّدُوا واعْلَمُوا أنَّه لا يَنْجُو أحَدٌ مِنْكُم بِعَمَلِهِ» قالُوا: ولا أنتَ يا رسُول الله؟ قال:«ولا أنا إلَاّ أنْ يَتَغَمَّدَني الله بِرَحْمَةٍ منه وفَضْل» .