للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٨٣٦ - شَادَهُ مَرْمَراً وجَلَّلَهُ كِلْ ... سَاً فَِلِلطَّيْرِ فِي ذَرَاهُ وُكُورُ

ويقال:» أشاد «أيْضاً، فيكون فَعَل وأفْعَل بِمَعْنًى.

قال الزَّمَخْشَرِيُّ: شاد القَصْرَ إذا رَفَعَهُ أو طَلَاه بالشِّيد، وهو الجِصُّ وهذا قَوْل عِكْرمَة، وقال قتادة [معناه:] في قُصُورٍ محصَّنةٍ، وقال السُّدِّيُّ في بُرُوجِ في سَمَاءِ الدُّنْيَا مَبْنِيَّة، وهي بُرُوج الفلك الاثْنَي عشر، وهذا القَوْل مَحْكِيٌّ عن مَالِك، ومعنى مشيدة، [أي] مادّة من الرَّفْع؛ وهي الكَوَاكِبُ العِظَام.

وقيل: للكَواكِب: بُرُوجٌ، لظُهُورِها من بَرِجَ يَبْرِج إذا ظَهَر وارْتَفَع، ومِنْهُ: {} .

وخلقها الله - تعالى - في مَنَازِل للشَّمْس والقَمَر، وقدّره فِيهَا، ورتَّب الأزمِنَة عَلَيْهَا.

قوله: {وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هذه مِنْ عِندِ الله} نزلت في المُنَافِقينَ واليَهُود؛ وذلك أنَّهم قَالُوا لما قَدِم رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ المدِينَةَ: ما زلنا نَعْرِف النَّقْصَ في ثِمَارِنَا ومَزَارِعِنَا مذ قِدَم هَذا الرَّجُل وأصْحَابهُ.

قال الله - تعالى - «وإن تصبهم» يعني: اليهود «حسنة» أي: خصب ورُخص في السِّعْر، «يقولوا هذه من عندنا» لنا {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} يعني: الجَدْب وغَلَاء الأسْعَار، «يقولوا من عندك» أي: من شُؤْم محمَّدٍ وأصْحَابه، وكَيْفِيَّة النَّظم: أنَّه - تعالى - لما حَكَى [عنهم] كونهم [متثاقلين عن اجهاد خائفين من الموت راغبين في متاع الدنيا، حكى عنهم] في هَذِه الآية خَصْلَة أخْرَى أقبَح من الأولى.

وفي النَّظْم وَْه آخَر؛ وهو أنَّ الخَائِفِين من المَوْت، المُتَثَاقِلِين في الجِهَادِ من عَادَتِهِم أنَّهم إذا جَاهَدُوا وقَاتَلُوا، فإن أصَابُوا ظَفَراً أو غَنِيمةً، قالوا: هَذِه من عِنْد الله، وإن أصَابَهُم مَكْرُوه، قالوا: هذه من شُؤْمِ مُصَاحَبة محمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.

فعلى هذا يكُون المُرَادُ ب «الحسنة» : الظفر والغَنِيمَة يوم بَدْر، وب «السيئة» : القَتْل والهَزِيمة يوم أُحُد، وهذا نَظير قَوله: {فَإِذَا جَآءَتْهُمُ الحسنة قَالُواْ لَنَا هذه وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بموسى وَمَن مَّعَهُ} [الأعراف: ١٣١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>