أدغم أبو عَمْرو وحمزة: تاء «بَيَّت» في طَاءِ «طائفة» لتقاربهما، ولم يَلْحَقِ الفِعْلَ علامةُ تأنيث؛ لكونه مَجَازياً، و «منهم» : صِفَةٌ ل «طائفة» ، والضَّمِير في «تَقُول» يحتمل أن يكُون ضَمير خِطَاب للرَّسُول - عليه السلام -، أي «غيرَ الذي تَقُولُه وترسم به يا مُحَمَّد، ويؤيِّده قِرَاءة عبد الله:» بيَّتَ مُبَيِّتٌ مِنْهُم «، وأن يكون غَيْبَة للطَّائفة، أي: تقول هي.
وقرأ يَحْيَى بن يَعْمر:» يقول «بياء الغَيْبَة، فيحتمل أن يَعُود الضَّمِيرُ على الرَّسُول بالمَعْنَى المُتقدِّم، وأن يَعُود على الطَّائِفَةِ، ولم يرنِّث الضَّمِيرَ؛ لأن الطِّائِفَة في معنى الفَرِيق والقوم.
قال الزَّمَخْشَرِيُّ:» بيت طائفة «أي: زوَّرت وسوَّت» غير الذي تقول «: خلاف ما قُلْت ومَا أمَرْت به، أو خَلَاف ما قَالَتْ ومَا ضَمِنَت من الطَّاعَة؛ لأنَّهم أضْمَرُوا الرَّدَّ لا القَبُول.
قال الزَّجَّاج: كل أمر تفكر فيه وتُؤوِّل في مصالحه ومفاسده كثيراً، قيل: هذا أمْر مُبَيَّتٌ؛ قال - تعالى -: {إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يرضى مِنَ القول}[النساء: ١٠٨] ، وقال قتادَةُ والكَلْبِيُّ: بَيَّت، أي: غيَّر وبَدَّل الَّذِي عَهِدَ إليهم النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ويكون التَّبْييتُ بمعنى: التَّبْدِيل.
وقال أبُو عُبَيْدَة: والتَّبييتُ معناه: قالُوا وقَدَّرُوا لَيْلاً مَا أعطوك نهاراً، وكل ما قُدِّر بلَيْل فهو مُبَيَّتٌ.
وقال أبو الحَسَن الأخْفَش: تقول العَرَب للشَّيْءِ إذا قُدِّرَ: بَيْتٌ، يُشَبِّهُونَهُ بتقدير بُيُوت الشِّعْر، وفي اشْتِقَاقه وَجْهَان:
أحدهما: أم أصْلح الأوْقَات للفكْر أن يَجْلِس الإنْسَان في بَيْتِهِ باللَّيل، فهناك تكُون الخَوَاطِر أجْلى والشَّواغل أقَل، فلما كان الغَالِبُ أنَّ الإنْسَان وقت اللَّيْل يكون في البَيْتِ،