للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل في الوجوه الدَّالة على أفضلية السّلَام

ومما يدل على أفْضَلِيَّة السلام: أنَّه من أسْمَاء الله - تعالى، وقوله -[تعالى]- {يانوح اهبط بِسَلَامٍ مِّنَّا} [هود: ٤٨] ، وقوله: {سَلَامٌ هِيَ} [القدر: ٥] ، وقوله: {والسلام على مَنِ اتبع الهدى} [طه: ٤٧] ، وقوله: {قُلِ الحمد لِلَّهِ وَسَلَامٌ على عِبَادِهِ} [النمل: ٥٩] وقوله: {وَإِذَا جَآءَكَ الذين يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ٥٤] ، وقوله: {الذين تَتَوَفَّاهُمُ الملاائكة طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ} [النحل: ٣٢] ، وقوله: {وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ اليمين فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ اليمين} [الواقعة: ٩٠، ٩١] ، [وقوله] : {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الزمر: ٧٣] ، وقوله: {وَالمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُم} [الرعد: ٢٣] وقوله: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ} [الأحزاب: ٤٤] ، وقوله: {سَلَامٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} [يس: ٥٨] .

وأمَّا الأخْبَار: فرُوِي أن عبد الله بن سلام قال:» لمَّا سَمِعْت بقدوم الرَّسُول - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -، دخَلْتُ في غِمَار النَّاسِ، فأوَّل ما سَمِعْتُ مِنْهُ: «يا أيها الذين آمنوا، أفْشُوا السَّلَامَ وأطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الأرْحَامَ وصَلُّوا باللَّيْلِ والنَّاس نِيَامٌ تدخلون الجنة بسلام» .

وأما المَعْقُول: قال القتبي: إنما قال: «التحيات» على الجَمْعِ؛ لأنَّه كان في الأرْضِ ملوك يُحَيُّون بِتَحيِّاتٍ مختَلِفَات، [فيقال] لبعضهم: أبيْت اللَّعْنَ، ولبعضهم: اسْلَم وانْعَم، ولبعضهم: عِش ألْفَ سَنَةٍ، فقيل لَنَا: قولوا: التَّحِيَّات لله، أي: الألْفَاظ الَّتِي [تدلُّ] على امُلْك، ويكْنَى بها عن الله - تعالى -:

قالوا: تحية النَّصِارى وَضْع اليَدِ على الفَمِ، وتَحِيّةُ اليهود بعضهم لبعض: الإشارَةُ بالأصَابع، وتحيةُ المجُوس: الانْحِنَاء، وتحيَّةُ العرب بعضهم لِبَعْض قَوْلهم حَيَّاك الله، وللمُلوك أن يَقُولوا: انْعَمْ صَبَاحاً، وتحيَّةُ المُسْلِمين أن يقولوا: السلام عَلَيْكُم ورَحْمَة الله وبركاته؛ وهذه أشرف التَّحِيَّاتِ، ولأن السَّلام مشعِرٌ بالسَّلامة من الآفَاتِ، والسَّعْيُ في تَحْصِيل الصَّون عن الضَّرر أوْلى من السَّعْي في تَحْصِيل النَّفْع.

<<  <  ج: ص:  >  >>