إلا أن هذا الشُّذُوذَ لا يجوزُ مثلُه في نحو:» حَيّا «لاعتلالِ عَيْنه ولامه باليَاءِ، وألحق بعضُهم ما لامُه هَمْزَةٌ بالمُعْتَلِّها، نحو:» نَبّأ تَنْبئةً «و» خَبَّأ تَخْبِئَةً «؛ ومثلها: أعيِيَة وأعيَّةٌ، جمع عَيِيّ.
وقال الرَّاغِب: وأصلُ التَّحِيَّة من الحياة، ثم جُعِلَ كلُّ دُعَاءٍ تحيَّة؛ لكون جميعه غير خَارجٍ عن حُصُولِ الحياة أو سَبَبِ الحَيَاةِ، وأصل التحية أن تَقُول:» حياك الله «ثم اسْتُعْمِل في الشَّرْعِ في دُعَاءٍ مَخْصُوصٍ.
وجعل التحيَّة اسْماً للسَّلام؛ قال: - تعالى -: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ}[الأحزاب: ٤٤] ، ومنه قول المُصَلِّي:» التحيات لله «أي: السَّلامة من الآفاتِ لله. قال [الكامل]
١٨٥٤ - ب - إنَّا مُحَيُّوك يا سَلْمَى فَحيِّينَا ... ... ... ... ..... ... ..... .
فصل في أفضلية «السلام عليكم»
واعلمْ أن قول القائِل لغيْره: السَّلام عليك، أتم من قوله: «حَيَّاك الله؛ لأن الحَيَّ إذا كان حليماً كان حَيَّا لا محالة، وليس إذا كان حَيَّا كان سَلِيماً؛ لأنَّه قد تكون حَيَاتُه مقرونَة بالآفاتِ، وأيضاً فإن السلام اسم من أسْمَاء الله - تعالى -، فالابْتِدَاء بِذِكْر الله - تعالى - أجْمَل من قوله: حيَّاك الله، وأيضاً: فَقَوْل الإنْسَان لغيره: السلام عَلَيْكَ، بشارة لَهُ بالسَّلام، وقوله حيَّاك الله لا يُفِيد ذَلِكَ، قالوا: ومَعنى قوله: السلام عليك، أي: أنْت سَلِيمٌ مِنِّي فاجعلني سَلِيماً مِنْك، ولهذا كَانَت العَرَبُ إيضا أسَاء بعضهم لم يَردُّوا السلام، فإن ردُّوا عليهم السلام، أمِنُوا من شرِّهم، وإن لم يَرُدُّوا عليهم السلام، لم يؤمنوا شَرَّهُم.