للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال الحسن: وإنما سَمَّاهم مُنَافِقِين وإن أظْهَرُوا الكُفْر؛ لأنهم وُصِفُوا بالصِّفَةِ التي كَانُوا عَلَيْهَا من قَبْل.

قوله: {والله أَرْكَسَهُمْ} مبتدأ وخبر، وفيها وجهان:

أظهرهما: أنها حالٌ، إمَّا من المُنَافِقِين - وهو الظَّاهِرُ -، وإمَّا من المُخَاطبين، والرابطُ الواوُ، كأنه أنكرَ عليهم اختلافهم في هؤلاء، والحالُ أنَّ الله قد ردَّهم إلى الكُفْر.

والثاني: أنها مُسْتَأنفةٌ أخبر - تعالى - عنهم بذلك. و «بما كسبوا» مُتَعَلِّقٌ ب «أركسهم» والبَاءُ سَبَبِيَّة، أي: بسبب كَسْبِهِم، و «ما» مصدريَّةٌ أو بمعنى الَّذِي، والعائدُ مَحْذُوفٌ على الثَّانِي، لا على الأوَّلِ على الصَّحِيح.

والإركاس: الردُّ والرَّجْعُ، ومنه الرِّكْس، قال - عليه السلام - في الرَّوْثة لمَّا أُتِيَ بها: «إنها ركس» . وقال أمَيَّة بن أبِي الصَّلت: [البسيط]

١٨٥٦ - فَأرْكِسُوا في جَحِيمِ النَّارِ إنَّهُمُ ... كَانُوا عُصَاةً وَقَالُوا الإفْكَ وَالزَّورَا

أي: رُدُّوا، وقال الرَّاغِب: «الرِّكْس والنِّكْس: الرَّذْلُ، إلا أنَّ الرِّكْس أبلغُ؛ لأن النِّكْسَ: ما جُعِل أعلاه أسْفَله، والرِّكْسَ: ما صَارَ رَجِيعاً بعد أن كَانَ طعاماً» .

وقال النَّضْر بن شميل والكَسَائي: الرَّكْس والنِّكْس: قلب الشَّيْء على رَأسِه، أو رَدِّ أوَّلِهِ على آخِره، والمَرْكُوس والمنكُوسُ وَاحِدٌ.

وقيل: أرْكسه أوْبقَه، قال: [المتقارب]

١٨٥٧ - بِشُؤْمِكَ أرْكَسْتَنِي فِي الخَنَا ... وأرْمَيْتَنِي بِضُرُوبٍ الْعَنَا

وقيل: الإركاس: الإضلال، ومنه: [المتقارب]

١٨٥٨ - وأرْكَسْتَنِي عَنْ طَرِيقِ الْهُدَى ... وصَيَّرتَنِي مَثَلاً لِلْعِدَى

وقيل: هو التنكيسُ، ومنه: [الرمل]

١٨٥٩ - رُكِّسُوا في فِتْنَةٍ مُظْلِمَةٍ ... كَسَوَادِ اللَّيْلِ يَتْلُوهَا فِتَنْ

وارتكَس فُلانٌ في أمْر كَانَ، أي: نَجَا مِنْهُ والرُّوكُوسِيَّةُ: قوْمٌ بين النَّصَارى والصَّابِئِين، والرَّاكِس: الثَّور وسْط البَيْدَر والثيران حوالَيه وقت الدياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>