للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

من أصْحَاب رسُول الله بكَلِمَة «لا إله إلا الله» فأقْبَلُوا منهم مثل ذلِك.

وهذا يتوجه عليه الإشكال الأول. [قال ابن الخطيب] والأقْرَبُ أن يُقَال: إنَّ من يَنْتَقِل من دينٍ إلى دينٍ، فَفِي أول الأمْر يَحْدُث ميلٌ قليل بسبب ضعيفٍ، ثم لا يَزَال ذلك المَيْل يتأكد ويتَقَوَّى إلى أن يَكْمُل ويستحكم ويَحْصُل الانْتِقَال؛ فكأنه قيل لهم: كُنْتم في أول الأمْرِ إنما حَدَث فِيكُم ميلٌ ضعيف بأسْبَابٍ ضعيفةٍ إلى الإسْلام، ثم مَنَّ الله عَلَيْكُم بالإسْلام بتَقْوِيَة ذلك المَيْل وتأكِيد النَّفْرة عن الكُفْر؛ فكذلك منهم هذا الإيمَان، فإن الله - تعالى - يؤكد حلاوة الإيمَانِ في قُلُوبهم، ويقوِّي تلك الرَّغْبَة في صُدُورهم.

قوله - تعالى -: {قَبْلُ فَمَنَّ الله عَلَيْكُمْ} الظَّاهِر أن هذه الجُمْلَة من تَتِمَّة قوله: «كذلك كنتم من قبل» فهي مَعْطُوفة على الجُمْلَة قَبْلَها، والمعنى: إيمانُكُم كان مِثْل إيمانِهِم، في أنَّه إنَّما عرف منكم بِمُجَرَّد القَوْل اللِّسَاني، دون ما في القلب، أو [في] أنه كان في ابْتِدَاء الأمْرِ حاصلاً بِسَببٍ ضَعِيفٍ، ثم مَنَّ الله عَلَيْكم: حيث قوى نُورَ الإيمَانِ في قُلُوبِكُم، وحَبَّبَه لكم وأثابكم عَلَى العَمَل بِهِ.

وقلي: بل هي من تَتِمَّة قوله: «تبتغون» عَرَض الحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ وذلك لأنَّ القَوْم لما قَتَلُوا من تكَلَّم بلا إله إلا الله، ثم إنَّه - تعالى - نهاهُم عن هذا الفِعْل وبيَّن أنه من العَزَائِم؛ قال بَعْدَه: «فمن الله عليكم» أي: منَّ عليكم بأن قَبِل تَوْبَتَكُم من ذَلِك الفعْلِ المنكَر، ثم أعَاد الأمْر بالتَّبْيين؛ مبالَغَة في التَّحْذِير، فقال: «فتبينوا» قُرِئت كالتي قَبْلَها، فقيل: هي تأكيد لَفْظِي للأولى.

وقيل: ليست للتأكيد؛ لاخْتِلَاف متعلّقهما، فإنَّ تقدير الأوّل: «فتبيَّنوا في أمْر مَنْ تَقْتُلُونَه» ، وتقدير الثَّانِي: فتبينوا نِعْمَة الله أو تثبَّتوا فيها، والسِّيَاقُ يدل على ذلك، ولأنَّ الأصل عدم التأكيد.

قوله: «إن الله كان بما تعملون خبيراً» والجُمْهُور على كَسْرِ هَمْزة «إن الله» ، وقرئ بفَتْحها على أنَّها معمُولة ل «تبينوا» ، أو على حذْف لَام العِلَّةِ، وإن كان قد قُرِئ بالفَتْح مع التَثَبُّت، فيكونُ على لام العِلَّة لا غير.

والمُرادُ منه: الوَعِيد والزَّجْر عن إظْهَار خلافِ ما في الضَّمِير.

فصل: فيما إذا دخل الغزاة بلداً ووجدوا شعار الإسلام

إذا رأى الغُزَاةُ في بلد أو قرية شعارَ الإسلام، فعليهم أن يَكُفُّوا عنهم، فإنّ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ

<<  <  ج: ص:  >  >>