للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

التَّخْصِيص باصِّفَة لا يدل على نَفْي الحُكْم عمّا عَدَاه، لم يلزم ذلك، وإن حَمَلْنَاه على الاستِثْنَاء، وقلنا: [إن] الاستثناء من النَّفي ليس بإثْبَات، لم يلزم ذلك، أمَّا إذا حَمَلْنَاه على الاستثناء وقلنا: الاستثناء من النَّفْي إثبات، لزم القَوْل بالمُسَاوَاة.

واعلم أن هذه المُسَاواة في حق الأضْرَاء، عند من يَقُول بها مَشْرُوطة بشَرْط آخر ذكره الله - تعالى - في سُورة التَّوْبة، وهو قوله: {لَّيْسَ عَلَى الضعفآء وَلَا على المرضى} [التوبة: ٩١] إلى قوله: {إِذَا نَصَحُواْ للَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: ٩١] ، ويدل على المُسَاواة ما تقدَّم في حَدِيث غزوة تَبُوكٍ.

وتقرير ذلك قوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ:» إن بالمدِينَةِ قَوْماً ما سلكتُم وادِياً إلَاّ كَانُوا مَعَكُم «، وقال عليه السلام:» إذا مَرِضًَ العَبْدُ قال الله - تعالى -: اكتبوا لعبدي ما كان يعمله في الصحة إلى أن يبرأ «.

وقال المُفَسَِّرون في قوله - تعالى -:

{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَاّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} [التين: ٥، ٦] ؛ أن من صَار هرماً، كتب له أجْر عمله قبل هرمه غير مَنْقُوص، وقالوا في تَفْسِير قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - «نِيَّة المُؤْمَن خَيْرٌ من أجْر عَمَلِهِ» إن المُؤْمِن يَنْوِي الإيمان والعمل الصَّالح، لو عاش لهذا لا يحصَّل له ثواب تلك النِّيَّة أبداً.

قوله - تعالى -: {فَضَّلَ الله المجاهدين بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى القاعدين دَرَجَةً} لما بيَّن [تعالى] أن المُجاهدين والقاعِدين لا يَسْتَويان، ثم إن عَدَم الاسْتِوَاء يَحْتَمل الزِّيَادة والنُّقْصَان، لا جرم بَيَّنَه الله - تعالى -.

قوله: «درجةً» في نصبه أربعة [أوْجُه:]

أحدها: أنها مَنْصُوبة على المَصْدر؛ لوقوع «درجة» موقع المَرَّة من التَّفْضِيل؛ كأنه قيل: فَضَّلهم تَفْيلة، نحو: «ضَرَبْتُه سَوْطاً» وفائدة التنكير التَّفْخِيم.

الثاني: أنها حَالٌ من «المُجَاهِدِين» أي: ذوي درجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>