مُضِلٌّ، مع أنه بالإجْمَاعِ لا يَقْدِر على خلق الضَّلال.
والجواب: أن هذا كلامُ إبليس، فلا يكون حُجَّةً، وأيضاً: فكلامه في هذه المسألة مُضْطَرِبٌ جِدّاً. فتارةً يَمِيل إلى القَدَرِ المَحْض، وهو قوله:«لأغويَنَّهُم» وأخرى إلى الجبْرِ المَحْضِ، وهو قوله:{رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي}[الحجر: ٣٩] يَعْني: أنه قال هؤلاء الكُفَّار: نحن أغْويْنَا، فمن الذي أغْوَانا عن الدِّين؟ فلا بُدَّ من انْتِهَاء الكلِّ في الآخِرة إلى اللَّه.
ومعنى ذلك: أنَّ الجاهليَّة كانوا يَشُقُّون أذُن النَّاقَة إذا ولدت خَمْسَة أبْطُن، آخرُها ذَكَر، وحرَّمُوا على أنْفُسِهِم الانتفاع بها، وقال آخرون: كانوا يَقْطَعُون آذَان الأنْعَام نُسُكاً في عِبَادَة الأوْثَان، ويَظُنُّون أنَّ ذلك عِبَادة، مع أنَّه في نفسه كُفْرٌ وفِسْقٌ.
قوله:{وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله} هذه اللَاّمات كلها للقَسَم.
قال ابن عبَّاسٍ: والحَسَن [ومُجَاهِدٌ] وسعيد بن جُبَيْر، وسَعِيد بن المسيَّب والسُّدِّي، والضَّحاك، والنَّخْعِيُ: دِينُ الله، كقوله {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله}[الروم: ٣٠] أي: لدين اللَّه، وفي تَفْسير هذا القَوْل وَجْهَان: