في البَهَائِم؛ لأن فيه غَرَضاً، وكانت العَرَب إذا بَلغَتْ إبلُ أحَدِهِمْ ألْفاً عوَّرُوا عَيْنَ فَحْلِها.
وحكى الزَّجَّاج عن بعضهم: التَّغْيير هو أن اللَّه - تعالى - خلق الأنْعامَ للرُّكُوب والأكْل، فحربوها، وخَلَق الشَّمْس، والقَمَر، والنُّجُوم، والأحْجَار لمنفعة العِبَاد، فعبدوها من دُونِ اللَّه.
وقيل: التَّغْيير هو التَّخَنُّث؛ وهو عِبَارَةٌ عن الذكر يُشْبِهُ الأنْثَى والسُّحْق؛ عِبَارة عن تَشَبُّه الأنْثَى بالذّكر.
ثم قال:{وَمَن يَتَّخِذِ الشيطان وَلِيّاً مِّن دُونِ الله} أي: ربًّا يطيعه، {فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً} لأن طاعة اللَّه تعالى تُفِيد المَنَافِع العَظِيمة، الدّائِمة، الخَالِصَة عن شَوائب الضَّرَر، وطاعَة الشَّيْطَان تفيد المَنَافِع القَلِيلَة، المُنْقَطِعة، المشوبة بالغموم والأحزان، ويعمها العَذَاب الدَّائِم، وهذا هُو الخسَار المُطْلَق.
قال أبُو العبَّاس المُقْرِي: ورد لَفْظُ الخُسْرَان [قي القرآن] على أربَعَة أوْجُه:
الأوَّل: بمعنى الضَّلالة؛ كهذه الآيَة.
الثَّاني: بمعنى العَجْز؛ قال - تعالى -: {لَئِنْ أَكَلَهُ الذئب وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ}[يوسف: ١٤] أي: عَاجِزُون ومثله: {لَئِنِ اتبعتم شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ}[الأعراف: ٩٠] .
الثَّالث: بمعنى الغَبْن؛ قال - تعالى -: {الذين خسروا أَنفُسَهُمْ}[المؤمنون: ١٠٣] أي: غبنوا أنْفُسَهم.
الرابع: بمعنى: المُخسِرُون؛ قال - تعالى -: {خَسِرَ الدنيا والآخرة ذلك هُوَ الخسران [المبين] }[الحج: ١١] .
قوله:«يُعدُهُمْ وَيُمَنِّيهمْ» ، قُرِئَ:«يَعدْهُمْ» بسُكون الدَّال تَخْفِيفاً؛ لتوالي الحَرَكات، ومَفْعُولُ الوَعْد مَحْذُوفٌ، أي: يعدُهُم البَاطِل أو السلامة والعافية ووعدُه وتمْنِيَتُهُ: ما يُوقعه في قَلْب الإنْسَان من طُول العمر، ونَيْل الدُّنْيَا، وقد يكون بالتَّخْوِيف بالفَقْر، فيَمْنَعُه من الإنْفَاقِ، وصِلَة الرَّحِم؛ كما قال - تعالى -: {الشيطان يَعِدُكُمُ الفقر}[البقرة: ٢٦٨] و «يُمنيهِم» بأنْ لا بَعْثَ، ولا جنَّةَ، {وَمَا يَعِدُهُمْ الشيطان إِلَاّ غُرُوراً} أي: