فالجواب: أن المَعْنَييْن هُنا صَالِحَان؛ يدل عليه ما ذَكَرْت لك من سَبب النُّزُولِ، فصار كلٌّ من الحَرْفَيْن مراداً على سَبِيل البَدَل.
فصل مذهب الأحْنَاف فيمَن له ولاية الإجبار
استدل الحَنَفِيَّة بهذه الآيَة، على أنَّه يَجُوز لغير الأب والجَدِّ تزويج الصَّغيرة، ولا حجَّة لهم فيها؛ لاحْتِمَال أن يكون المُرَادُ: وتَرْغَبُون أن تُنْكِحُوهُن إذا بَلَغْن، ويدل على صِحَّة قَوْلِنا: إن قُدَامة بن مَظْعُون زَوَّج ابْنَة أخيه عُثْمَان بن مَظْعُون من عَبْد الله بن عُمَر، فخطبها المُغِيرَة بن شُعْبَة، ورغَّب أمَّهَا في المَالِ، فجاءوا إلى رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فقال قُدَامَةُ: أنا عَمُّهَا وَوَصِيُّ أبيهَا، فقال النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «إنَّها صَغِيرة ولا تُزَوَّج إلا بإذْنِها» وفرَّق بَيْنَها وبين ابْن عُمر، وليس في الآيَة أكْثَرُ من رغْبَة الأوْلِيَاء في نِكَاحِ اليَتِيمَةِ، وذلك لا يَدُلُّ على الجَوَازِ.
[قوله: «والمستضعفين» فيه ثلاثة أوْجُه:
أظهرُهَا: - أنه مَعْطُوفٌ على «يَتَامَى النِّسَاء» أي: ما يُتْلَى عَلَيْكُم في يَتَامَى النِّسَاء وفي المُسْتَضْعَفِين، والذي تُلِي عَلَيْهِم فيهم قوله: {يُوصِيكُمُ الله في أَوْلَادِكُمْ} [النساء: ١١] ، وذلك أنَّهُم كانوا يَقُولون: لا نُوَرِّثُ إلا مَنْ يَحْمِي الحَوْزَة، ويَذُبُّ عن الحَرَمِ، فيَحْرِمُون المَرْأةَ والصَّغِيرَ؛ فنزلت] .
{والمُسْتضعَفِين من الوِلْدَان} وهم الصِّغَار، أن تُعْطُوهم حُقُوقَهُم؛ لأنَّهم كانوا لا يُورثون الصِّغَار، يريد ما يُتْلَى عليكم في باب «اليَتَامَى» من قوله: {وَآتُواْ اليتامى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٢] ، يعني: إعطاء حقوق الصِّغار.
والثَّاني: أنَّه في مَحَلِّ جر، عَطْفاً على الضَّمِير في «فيهن» ؛ وهذا رأيٌ كوفِيّ.
والثالث: أنه مَنْصُوبٌ عطفاً على مَوْضِع «فيهن» أي: ويبيِّن حال المستضعفين.
قال أبو البقاء: «وهذا التَّقْدِيرُ يَدْخُلُ في مَذْهَب البَصريِّين مِنْ غيرِ كَلَفَةٍ» يعني: أنه خَيْرٌ من مَذْهَب الكُوفيين، حيث يُعْطَفُ على الضَّمِير المَجْرُور مِنْ غَيْرِ إعادَةِ الجَارِّ.
قوله: «وأنْ تقوموا» فيه خَمْسَةُ أوجه:
الثلاثة المتقدمة قَبْله، فيكون هو كَذَلِك لِعطْفِه على ما قَبْلَه، والمتلوُّ عليهم في هذا المَعْنَى قوله: {وَلَا تأكلوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢] .
والرابع: النَّصْبُ بإضمار فعل.
قال الزَّمَخْشَرِيُّ: «ويجوزُ أنْ يكون مَنْصُوباً بإضْمار» يأمُرُكُم «، بمعنى: ويأمركم أن