للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله سبحانه: «والمُقِيمينَ الصَّلاةَ» قرأ الجمهورِ بالياء، وقرأ جماعة كثيرة: «والمُقِيمُونَ» بالواو؛ منهم ابن جُبَيْر وأبو عَمْرو بن العلاء في رواية يونُسَ وهارُونَ عنه، ومالك بن دينار وعصمة عن الأعمش، وعمرو بن عبيد، والجَحْدَرِي وعيسى بن عُمَر وخلائق. فأما قراءةُ الياء، فقد اضطربَتْ فيها أقوالُ النحاة، وفيها ستةُ أقوال:

أظهرها - وعزاه مكيٌّ لسيبويه، وأبو البقاء، للبصريين -: أنه منصوبٌ على القَطْع، يعني المفيد للمدْحِ؛ كما في قطع النعوتِ، وهذا القطعُ في قوله «والمُؤتُونَ الزَّكَاةَ» على ما سيأتي هو لبيانِ فَضْلِها أيضاً، لكنْ على هذا الوجه يجبُ أن يكونَ الخبرُ قوله: «يُؤمِنُونَ» ، ولا يجوز قوله «أولَئِكَ سنُؤتِيهِمْ» ، لأن القطع إنما يكون بعد تمامِ الكلام، قال مكي: «ومَنْ جَعَلَ نَصْبَ» المُقِيمِينَ «على المدح جعل خبرَ» الرَّاسِخِينَ «:» يُؤمِنُونَ «، فإنْ جَعَل الخبر» أولَئِكَ سنُؤتِيهِمْ «لم يجز نصب» المُقِيمِينَ «على المدح، لأنه لا يكون إلا بعد تمام الكلام» .

وقال أبو حيان: «ومن جَعَلَ الخبرَ: أولَئِكَ سَنُؤتيهِمْ فقوله ضعيفٌ» قال شهاب الدين: وهذا غيرُ لازمٍ؛ لأن هذا القائل لا يَجْعَلُ نصب «المُقِيمينَ» حينئذٍ منصوباً على القطع، لكنه ضعيفٌ بالنسبةِ إلى أنه ارْتَكَبَ وجْهاً ضعيفاً في تخريج «المقيمين» كما سيأتي. وحكى ابنُ عطية عن قوم مَنْعَ نصبه على القَطْع من أجلِ حرف العطف، والقطعُ لا يكونُ في العطف، إنما ذلك في النعوت، ولما استدلَّ الناسُ بقول الخرنِقِ: [الكامل]

١٩٠١ - لا يَبْعَدَنْ قَوْمِي الذينَ هُمُ ... سُمُّ العُدَاةِ وآفَةُ الْجُزْر

النَّازِلِينَ بِكُلِّ مُعْتَرَكٍ ... والطَّيِّبُونَ مَعَاقِدَ الأزْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>