والثاني - وإليه ذهب ابن عطيَّة -: أنه ارتفع على خبر ابتداء مضمر، أي: وهم رُسُلٌ، وهذا غير واضح، والجملة بعد «رسُل» على هذا الوجه تكونُ في محلِّ رفع؛ لوقوعها صفةً للنكرة قبلها.
قوله:{وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ} كالأول. وقوله:{وَكَلَّمَ الله موسى} الجمهور على رفع الجلالة، وهي واضحةٌ. و «تَكْلِيماً» مصدرٌ مؤكد رافعٌ للمجاز.
قال الفرَّاء: العَرَبُ [تُسَمِّي] ما يُوصَلُ إلى الإنْسَانِ كلاماً بأيِّ طَرِيقٍ وَصَلَ ولكِنْ لا تُحَقِّقُه بالمصْدَرِ، فإذا حُقِّق بالمصْدَرِ، لم يَكُنْ إلَاّ حَقِيقَةَ الكلامِ؛ كالإرادَةِ، يُقال: أراد فُلانٌ إرادَةً، يريد: حَقيقةَ الإرَادَة.
قال القُرْطُبِي:«تَكْلِيماً» يقدر مَعْنَاه بالتَّأكِيدِ، وهذا يَدُلُّ على بُطْلانِ قول من يقُولُ: خَلَق [اللَّه] لِنَفْسه كَلَاماً في شَجَرةٍ، فَسَمِعَهُ مُوسَى -[عليه السلام]-، بل هو الكلامُ الحقيقيُّ الذي يكُون به المُتَكَلِّم مُتَكَلِّماً.
قال النَّحَّاس: وأجمع النَّحوِيُّون على أنَّك إذا أكَّدْت الفِعْلَ بالمصْدَر، لم يَكُنْ مجازاً، وأنَّه لا يجُوزُ في قول الشاعر:[الرجز]