في هذه الحال وفي غيرها، هذا إذا أريد ببهيمة الأنعام نفسها.
وأما إذا عني بها الظباء، وحُمُر الوحش، وبقره على ما فسَّره بعضهم، فيظهر للتقييد بهذه الحالة فائدة؛ إذ يصير المعنى «أحلّت لكم» هذه الأشياء حال انتفاء كونكم تحلُّون الصيد وأنتم حرم، فهذا معنى صحيح، ولكن التركيب [الذي قدرته لك] فيه قَلَقٌ ولو أريد هذا المعنى من الآية الكريمة لجاءت به على أحسن تركيب وأفصحه.
القول الثاني: وهو قول الأخفش وجماعة أنه حال من فاعل «أوفوا» ، والتقدير: أوفوا بالعقود في حال انتفاء كونكم محلِّين الصيد وأنتم حُرم، وقد ضعفوا هذا المذهب من وجهين:
الأول: أنه يلزم [منه] الفَصْلُ بين الحال وصاحبها بجملة أجنبية، ولا يجوز الفَصْل إلا بجمل الاعتراض، وهذه الجملة وهي قوله:{أحلَّت لكم بهيمة الأنعام} ليست اعتراضية، بل هي منشئة أحكاماً ومبينة لها.
وجملة الاعتراض إنما تفيد تأكيداً وتسْديداً.
والثاني: أنه يلزم تقييد الأمر بإيفاء العقود بهذه الحالة، ويصير التقدير؛ كما تقدم، فإذا اعتبرنا مَفْهُومه يصير المعنى: فإذا انتفت هذه الحال فلا توفوا بالعقود، والأمر ليس كذلك فإنهم مأمورون بالإيفاء بالعقود على كل حال من إحرام وغيره.
الوجه الثاني: أنه منصوب على الحال من الضمير المجرور في «عليكم»[أي] : لا [ما] يتلى عليكم، حال انتفاء كونكم محلّين الصيد، وهو ضعيف أيضاً بما تقدم من أن المتلو عليهم لا يتقيد بهذا الحال دون غيرها، بل هو متلو عليهم في هذه الحال، وفي غيرها.
الوجه الرابع: أنه حال من الفاعل المقدر يعني الذي حُذِفَ، وأقيم المفعول مقامه في قوله تعالى:{أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنعام} ، فإن التقدير عنده: أحل الله لكم بهيمة الأنعام غير محلي لكم الصيد وأنتم حرم، فحذف الفاعل، وأقام المفعول مقامه، وترك الحال من الفاعل باقية.
وهذا الوجه فيه ضعف من وجوه:
الأول: أن الفاعل المنوب عنه صار نَسْياً مَنْسياً غير ملتفت إليه، نَصُّوا على