منها الدمُ، ويدخل فيه إذا أصابه سَهْمٌ وهو في الجبل فَسَقَطَ على الأرض؛ فإنه يُحَرَّمُ أكْلُه؛ لأنَّه لا يُعْلَمُ ماتَ بالتَّرَدِّي أوْ بالسَّهْم.
ودخلتِ الهاءُ في هذه الكلمةِ؛ لأنّ المنخنقةَ هي الشاةُ المنخنقةُ، كأنه قِيلَ: حُرِّمَتْ عليكم الشاةُ المنخنقةُ والموْقوذَةُ والمترديةُ، وخَصَّ الشاة؛ لأنَّها من أعَمِّ [ما يَأكُلُ] الناسُ، والكلامُ يُخَرَّجُ على الأعَمِّ الأغْلَبِ، ويكُونُ المرادُ هو الكُلَّ.
و «النَّطِيحَةُ»«فَعيلَة» بمعنى «مَفْعُولة» ، وكان مِنْ حَقِّها ألَاّ تَدْخُلَها تاءُ التأنيثِ كقَتِيل وجَريح، إلَاّ أنَّها جَرَتْ مَجْرَى الأسماءِ، أوْ لأنَّها لم يُذْكَرْ مَوصُوفُها؛ لأنك إنْ لَمْ تُدْخِل الهاءَ لَمْ يُعرَفْ أرَجُلٌ هُوَ أمِ امْرَأةٌ، ومثلُهُ: الذَّبِيحَةُ والنَّسيكَةُ. كذا قاله أبُو البَقاءِ، وفيه نظر؛ لأنَّهُم [إنَّما] يلحقون التاءَ إذا لم يذكر الموصوفُ لأجل اللَّبْسِ، نَحْوَ: مررت بِقَتيلةِ بَنِي فُلانٍ، لئلا يلتبس بالمؤنثِ وهنا اللَّبْسُ مُنْتفٍ، وأيضاً فحكم الذكرِ والأنْثَى في هذا سَوَاءٌ.
والنَّطِيحَةُ هي التي تَنْطَحُها الأخْرَى فتموت، وهذه - أيضاً - لأنها ماتت من غير سَيَلانِ الدَّم.
قوله تعالى:{وَمَآ أَكَلَ السبع إِلَاّ مَا ذَكَّيْتُمْ}«مَا» الأولى بمعنى «الَّذِي» ، وعائِدُهُ محذُوفٌ، أيْ: وما أكلَهُ السّبُعُ، ومحلُّ هذا الموصولِ الرفعُ عَطْفاً على مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُه، وهذا غيرُ ماشٍ على ظاهره؛ لأنَّ ما أكله السبعُ وفرغ منه لا يُذَكَّى، فلا بُدَّ من حذف. ولذلك قال الزَّمَخْشَرِيُّ: وما أكَلَ بَعْضَهُ السبعُ.
وقرأ الحسنُ والفياض وأبو حَيْوة:«السَّبْعُ» بسكون الباءِ، وهو تسكين المضموم، ونقل فتح السين والباء معاً.
والسَّبُعُ: كُلُّ ذِي نَابٍ ومخْلب كالأسدِ والنَّمرِ، ويطلقُ على ذِي المِخْلب من الطيور قال:[الخفيف]