معنى الكلام ما يُريدُ ما بَقِيَ مما أكل السبعُ. قال قتادةُ: كان أهْلُ الجاهلية إذا جَرَحَ السبعُ شَيْئاً فقتله وأكل بعضَه أكلُوا ما بَقِيَ، فحرمه الله.
قوله تعالى:{إِلَاّ مَا ذَكَّيْتُمْ} فيه قولان:
أحدهما: أنه استثناءٌ متصلٌ، والقائلون بهذا اختلَفُوا، فقال عَلِيٌّ، وابنُ عباسٍ، والحسنُ وقتادةُ: هو مُسْتَثْنَى من قوله: «والمُنْخَنِقَة» إلى قوله: {وَمَآ أَكَلَ السبع} وعلى هذا إن أدْرَكْتَ ذكَاتَهُ بأنْ وَجَدْتَ عَيْناً تَطْرِفُ، أوْ ذَنَباً يَتَحرَّكُ، أوْ رجلاً تَرْكُضُ فاذْبَحْ فإنَّهُ حلالٌ، فإنَّ هذه الحالَ تدلُ على بقاءِ الحياةِ فيه بتمامها.
وقال أبُو البَقاءِ: والاستثناءُ راجعٌ على المتردِّيةِ، والنَّطِيحَةِ وأكيلة السبُع، وليس إخراجُه المُنْخَنِقَة [منه بجَيِّدٍ] .
ومنهم من قال: هو مستثنى مما أكل السبعُ خاصَّة.
والقولُ الثاني: أنَّه منقطعٌ، أيْ: ولكنْ ما ذَكيْتم مِنْ غيرها فحلالٌ، أو فكُلُوه، كأنَّ هذا القائِلَ رأى أنَّها وَصَلَتْ بهذه الأسبابِ إلى الموتِ، أو إلى حالةٍ قَرِيبةٍ فلم تُفِدْ تَزْكِيتَها عِنْدَه شيئاً.
والتَّذْكِيَةُ: الذَّبْحُ، وذَكَتِ النَّارُ: ارتفعتْ، وأصلُ الذَّكاةِ تمامُ الشيء ومنه الذَّكاءُ في الفهمِ، وهو تمامُهُ [والذكاء] في السِّن، وهو النهايةُ في الشباب، ذَكَى الرجُل أيْ: أسَنَّ، قال:[الوافر]
وقيل: الاستثناءُ من التحريم لا مِنَ المحرماتِ، يَعْنِي، حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ما مَضَى إلَاّ مَا ذَكَّيْتُم فإنه لكم حلالٌ، فيكون الاستثناءُ منقطعاً - أيضاً -.