للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وثالثها: أنَّ واحدهُ النَّصْبَةُ. قال اللَّيْثُ: [النَّصْبُ] جمعُ النَّصْبَةِ، وهي علامةٌ تُنْصَبُ للقومِ، وإنْ قُلْنا: النصبُ وَاحِدٌ، فجمعُهُ أنْصَابٌ، مثل عُنُق وأعْنَاق.

قال الأزْهَرِيُّ: وقد جعل الأعْشَى النُّصُبَ واحداً، وذكر البيتَ المُتَقَدِّم لَكِنْ رَوَاهُ عَلَى وَجْهٍ آخر، قال: [الطويل]

١٩٢٧ - وَلَا النُّصُبَ المَنْصُوبَ لا تَعْبُدَنَّهُ ... لِعَافِيَةٍ واللَّهَ رَبَّكَ فَاعْبُدَا

فصل

قال بَعْضُهمْ: النُّصُبُ الأوْثانُ، واسْتَبْعَدَهُ قَوْمٌ؛ لأنَّ هذا مَعْطُوفٌ على قولِهِ: {وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ} وذلك هو الذَّبْحُ على اسمِ الأوْثانِ، والمعطوفُ يَجِبُ أنْ يكُونَ مُغَايِراً للمعطوفِ عَلَيْهِ.

وقال ابنُ زَيْدٍ: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النصب} ، {وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ} هُمَا وَاحِدٌ.

وقال مُجاهدٌ وقتادةُ وابن جُرَيح: كانَتْ حولَ البيتِ ثلاثمائة وستُّونَ [حَجَراً مَنْصُوبَة] كان أهلُ الجاهِليّةِ يَعْبُدُونَها وَيُعَظِّمُونها ويَذْبَحُونَ لها وليست هي بأصْنامٍ، وإنَّما الأصنامُ هي المصَوَّرةُ المنقوشَةُ، وكانوا يُلَطِّخُونَها بتلك الدماءِ، ويضعُون اللحومَ عليها. فقال المسلمون يا رسول الله: كان أهلُ [الجاهلية] يُعظمون البيتَ بالدَّمِ، فنحنُ أحَقُّ أنْ نُعَظِّمَهُ، وكأن النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ لم يكَره ذلك، فأنزل اله تعالى: {لَن يَنَالَ الله لُحُومُهَا وَلَا دِمَآؤُهَا} [الحج: ٣٧] .

وقوله: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النصب} .

[فيه وجهان:

أحدهما: وما ذبح على الاعتِقادِ وتَعْظِيم النُّصب] .

والثاني: ومَا ذُبِح لِلنُّصبِ، و «اللَاّمُ» و «عَلَى» يتعاقَبَانِ. قال تعالى: {فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ اليمين} [الواقعة: ٩١] [أي: فَسَلامٌ عَلَيْكَ] ، وقال: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧] أي فعليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>