«الذين كفروا» مبتدأ، و «أولَئِكَ» مُبْتَدأ ثانٍ، و «أصْحَابُ» خبره، والجُمْلَة خَبَرُ الأوَّل، وهذه الجُمْلَة مُسْتَأنَفَةٌ، آُتِي بها اسمية دلالة على الثُّبُوتِ والاسْتِقْرَارِ، ولم يُؤتَ بِها في سِيَاقِ الوعيد، كما أتى بالجُمْلَةِ قَبْلَها في سِيَاقِ الوَعْدِ حَسْماً لرَجَائهم، وأجاز بَعْضُهُمْ أن تكون هذه الجُمْلَة داخِلَةً في حَيِّز الوَعْد على ما تقدم تقريره في الجُمْلَةِ قبلها.
قال: لأنَّ الوعيدَ اللَاّحِقَ بأعْدائِهم ممَّا يَشْفِي صُدورهُمْ، ويُذْهِب ما كانوا يَجِدُونَهُ من أذَاهُمْ، ولا شَكَّ أن الأذى اللَاّحقِ للعَدُوِّ، مما يَسُرُّ، ويفرح ما عند عَدُوِّهِ، وفيه نظر، فإن الاسْتِئنَاف وافٍ بهذا المَعْنَى، فإن الإنْسَان إذا سَمِعَ خبراً يَسُوء عَدُوَّهُ سُرَّ بذلك، وإن لم يُوعد به، وقد يتقوى [صاحب] هذا القول المُتقدِّم بأن الزَّمَخْشَرِيَّ قد نحَا إلى هذا المَعْنَى في سورة {سُبْحَانَ}[الإسراء: ٩، ١٠] .
قال: فإن قُلْتَ، علام عَطَف {وأَنَّ الذين لَا يُؤْمِنُونَ}[الإسراء: ١٠] .
قلت: على {أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً}[الإسراء: ٩] على أنه بُشرى للمؤمنين ببشارتيْن بثوابِهِم، وبعقَابِ أعْدَائهم، فجعل عِقاب أعدائِهِم داخِلاً في حَيِّز البشارَة فالبشارة هناك كالوَعْدِ هُنَا.
وهذه الآية تَدُلُّ على أنَّ الخُلود في النَّار لَيْس إلا للكُفَّار؛ لأنَّ قوله:{أولئك أَصْحَابُ الجحيم} يفيدُ الحَصْر، والمُصَاحَبَةُ تَقْتَضِي المُلازَمَةَ، كما يقال: أصْحَاب الصَّحراء، أي: المُلازِمُون لها.