للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: «فإن قلت: كيف [كان] قوله: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ المتقين} جوباً لقوله:» لأقْتُلَنَّكَ «؟ .

قلت: لمَّا كان الحَسَدُ لأخيه على تَقَبُّل قربانه هو الذي حَمَلَهُ على توعُّده بالقَتْل، قال: إنَّما أتَيْت من قبل نفسك لانْسِلَاخها من لِبَاسِ التَّقْوَى» انتهى.

وهذا ونَحْوه من تَفسِير المَعْنَى لا الإعْرَاب.

وقيل: إن هذه الجملة اعْتِرَاض بَيْن كلام القَاتِل وكلام المَقْتُول والضَّمِير [في «قال» ] إنَّما يعود إلى الله تعالى، أي: قال الله ذلك لِرَسُوله، فَيَكُون قد اعْتَرض بقوله {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله} بين كلام قابيل وهو: «قال لأقْتُلَنَّكَ» ، وبين كلام هَابِيل وهو: «لَئِنْ بَسَطْتَ» إلى آخره، وهو في غاية البُعْد لِتَنافُر النَّظْم.

و «اللَاّم» في قوله: «لَئِنْ بَسَطْتَ» هي المُوَطِّئة.

وقوله: {مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ} جوابُ القسم المَحْذُوف، وهذا على القاعِدَة المُقَرَّرةِ من أنَّه إذا اجْتَمَع شَرْطٌ وقسمٌ أجِيبَ سابقُهما إلا في صُورة تَقدّم التَّنْبِيه عليها.

وقال الزَّمَخْشَرِي: «فإن قلت: لِم جاء الشَّرْط بلفظ الفِعْل، والجزاء بلفظ اسم الفاعل، وو قوله» لَئِنْ بَسَطْتَ «، {مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ} ؛ قلت: ليفيد أنه لا يفعلُ هذا الوَصْفَ الشَّنِيع، ولذلك أكَّدَهُ ب» الباء «المفيدة لِتَأكِيد النَّفْي» .

وناقَشَهُ أبُو حيَّان في قوله: [إنَّ] {مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ} جزاء للشَّرْط.

قال: لأنَّ هذا الجواب لِلقَسَم لا للشَّرط قال: «لأنه لو كان جواباً للشَّرط للزمته الفاء لِكَوْنه منفيًّا ب» ما «والأداة جَازِمة، وللزِمَهُ أيضاً تلك القَاعِدة، وهو كَوْنه لم يجب الأسْبَق منهما» وهذا ليس بشيء؛ لأن الزَّمَخْشَرِيَّ سماه جزاء للشَّرط لما كان دالاًّ على جزاء الشَّرْط، ولا نَكِيرَ في ذلك [ولكنه مُغْرى بأن يقال: قد اعترض على الزَّمَخْشَرِي] .

وقال أيضاً: وقد خالف الزمخشريّ كلامه هنا بما ذكره في «البَقَرة» في قوله تعالى {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الذين} [البقرة: ١٤٥] ، من كونه جعله جواباً للقسم سادًّا مسدّ جوابِ الشَّرْط، وقد تقدَّم بحثه مَعَهُ هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>