فكان فاعل الأفْعَال كلها هو الله - تعالى - ثم قال تعالى «فَقَتَلَهُ» ، قيل: لم يَدْر قابيل كيف يَقْتُل هَابِيل.
قال ابن جُرَيْج: فتمثَّل له إبليس، فأخذ طَائِراً ووضَع رأسَه على حَجَرٍ، ثم شَدَخَ له حجرًا آخر، وقَابيل يَنْظُر إلَيْه فعلَّمه القتل، فرضَخَ قابيل رَأسَ هَابِيل بين حَجَرَيْن، قيل: قتله وهو مُسْتَسْلِمٌ، وقيل: اغْتَالَه وهو نَائِمٌ.
وكان لهابيل يوم قُتل عشرون سنة، واخْتَلَفُوا في موضع قَتْله
قال ابن عبَّاس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - على جبل ثَوْر، وقيل: عند عقبة حراء، وقيل: بالبَصْرَة عند موضع المَسْجد الأعْظَم، فلمَّا قتله تركه بالعَرَاء ولم يدر ما يصنع به؛ لأنَّه كان أول ميِّت على وَجْهِ الأرْض من بَنِي آدم، وقصده السِّباع فَحَمَلَه في جراب على ظَهْرِه أرْبَعِين يَوْماً.
وقال ابن عبَّاس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: سَنَة حتى أروح، وعَكَفَت عليه الطَّيْر والسِّبَاع تَنْظُر متى يرمي به فَتَأكله ثم قال:{فَأَصْبَحَ مِنَ الخاسرين} : الحائرين.
قال ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - خسر دُنْيَاه وآخِرته أما الدُّنْيَا: فإنه أسْخَطَ والديه، وَبقِي مذمُوماً إلى يوم القِيَامة، وأما الآخِرة: فهي العِقَابُ الدَّائِم العَظِيم.
قيل: إنَّ قابيل لما قتل أخاه [هابيل] ، هرب إلى عدن من أرْضِ اليمن، فأتاه إبْليس فقال له: إنَّما أكلت النَّارُ قُرْبَان هَابِيل؛ لأنَّه كان يَخْدُم النَّار ويعبُدُها، فإن عَبدت أنت أيضاً النَّار حصل مَقْصُودك، فبنى بيت نَارٍ وهو أوَّل من عبد النَّار، ورُوِي أنَّه لما قَتَلَهُ اسْوَدَّ جَسَدُهُ وكان أبْيَض، فَسَألَهُ آدم عن أخِيه، فقال: ما كُنْت عليه وَكِيلاً، فقال: بل قَتَلْته، ولذلك اسوَدَّ جَسَدُك، ومكث آدَمُ بَعْدَه مائة سنة لم يضَحْكَ قطّ.
قال الزمخشري: روي أنَّه رَثَاهُ بِشِعْر، وهو كَذِب بحت والأنبياء معْصُومون عن