ورده أبو البقاء بعد أن حَكَاهُ عن قَوْمٍ، قال: وذكر بعضهم: أنه يجُوزُ أن يَنتصب على جواب الاستفهام؛ وليس بِشَيء، إذ ليس المَعْنى: أيكون منِّي عجز فَمُواراة، ألا ترى أن قولك:«أين بَيْتُكَ فأزُوركَ» معناه: لو عَرَفْتُ لزرتُ ليس المَعْنَى هنا «لو عَجَزت لوَاريت» .
قال شهاب الدين: وهذا الرَّدُ على ظاهره صَحِيحٌ.
وبَسْطُ عبارة أبي البَقَاء: أنَّ النُّحاة يَشْتَرِطون في جواز نَصْب الفعْلِ بإضمار «أنْ» بعد الأشياء الثمانية - غير النَّفْي - أن يَنحلَّ الكلامُ إلى شرطٍ وجَزَاء فإن انعقد منه شَرْط وجزاء صَحَّ النَّصْبُ، وإلَاّ امتنعَ، ومنه «أيْن بيتُك فأزُورَك [أي] إن عَرّفتني بَيْتَك أزُورَك» .
وفي هذا المقام لو حَلَّ منه شرط وجَزَاء لفسد المعنى؛ إذ يصير التَّقْدِيرُ: إنْ عَجَزْت وارَيْت، وهذا ليس بِصَحِيح؛ لأنه إذاعَجز كيف يُوَارِي.
وردَّ أبو حيَّان على الزَّمخشريِّ بما تقدَّم، وجعله غَلَطاً فاحِشاً وهو مَسْبُوقٌ إليه كما رأيت، فأساءَ عليه الأدبَ بشيء نَقَلَهُ عن غيره الله أعلمُ بصحَّتِهِ.
وقد قرأ الفَيَّاض بن غَزْوَان، وطلحة بن مصرف «بسكون الياء» ، وخرَّجها الزمخشري على أحد وجهين:
إمَّا القَطْع، أي: فأنا أوَاري، وإمَّا على التَّسْكِين في موضع النصب تخفيفاً.
وقال ابنُ عطيَّة:«هي لغة لتوالي الحركات» .
قال أبو حيَّان:«ولا يصلح أن تعلَّلَ القِرَاءة بهذا ما وُجِد عنه مندُوحَةٌ؛ إذ التَّسْكينُ في الفَتْحَة لا يجُوز إلَاّ ضرورة، وأيضاً فلم تتوالَ حركات» .
وقوله «فَأَصْبَحَ» بمعنى «صَارَ» .
قال ابن عطيَّة: قوله: «أصْبَح» عبارة عن جميع أوْقَاتِه قيم بَعْض الزَّمان مكان كله، وخُصَّ الصَّباحُ بذلك [لأنه] بَدْءُ النهار، والانبعاث إلى الأمُور، ومَظَنَّةُ النَّشَاط، ومنه قولُ الرَّبِيع:[المنسرح]