فإنْ قيل: إذا سرَقَ المالَ مِنَ السَّارِقِ، فقال الشافِعيُّ: لا يُقْطَعُ لأنَّهُ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ مالكٍ ومِنْ غَيْرِ حِرْزٍ.
وقال أصحابُ مالكٍ: حُرْمةُ المالِكِ عليه لم تَنْقَطِعْ عنه، وَيَدُ السارقِ كلا يد كالغاصب إذا سُرِقَ منه المالُ المغصُوب قُطع، فإنْ قيل: حِرْزُهُ كَلَا حِرْزٍ. فالجوابُ: الحرْزُ قائمٌ والمالِكُ قائمٌ، ولم يَبْطُلِ الملك فيه.
فصل المذاهب فيما إذا كرر السارق السرقة
قال الشافعي: الرجل إذا سرق أولاً قطعت يده اليمنى، وفي الثانية رجله اليسرى وإذا سرق في الثالثة تقطع يده اليسرى، وفي الرابعة: رِجْلُهُ اليُمْنَى؛ لأنَّ السرقةَ عِلّةُ القطعِ وقد وُجدت وقال أبو حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - وأحْمَدُ والثَّوْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم -: لا يُقْطَع في الثالثةِ والرابعةِ، بلْ يُحْبَسُ.
فصل
قال أبُو حَنِيفَة والثَّوْرِيُّ: لا يُجْمَعُ بَيْنَ القَطْعِ والغُرْمِ، فإن غُرّم فلا قَطْعَ، وإن قُطِعَ سَقَطَ الغُرْمُ، وقال الشافعي وأحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - يُغرّم إنْ تلف المسروقُ، وإنْ كان بَاقِياً رَدَّهُ.
وقال مَالِكٌ: يُقْطَع] بِكُلِّ حالٍ، ويُغرّم إنْ كان غَنِياً، ولا يَلْزَمُه إن كان فقيراً، واستدل الشافعي بقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ «على الْيَدِ مَا أخَذَتْ حَتَّى تُؤدِّيَهُ» ، ولأنَّ المسروقَ لَوْ كان بَاقِياً وَجَبَ رَدُّهُ بالإجْماعِ، ولأنَّ حق الله لا يَمْنَعُ حَقَّ العبادِ، بِدليلِ اجتماع الجزاءِ والقِيمةِ في الصَّيْدِ المَمْلُوكِ، ولأنَّه بَاقٍ على مُلْكِ مالِكِه إلى وقْتِ القطع.