فإنْ قيل: الحِرْزُ عادة ما نُصِبَ لِحفْظِ الأموالِ، وهو يَخْتَلِفُ في كُلِّ شَيْءٍ بحسبِ عَادَتِهِ.
قال ابنُ المُنْذرِ: لَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ ثَابتٌ.
فالجوابُ: وإنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ لا قَطْعَ لقولِهِ عليه الصلاةُ والسلامُ: «لا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ وَلَا فِي حريسة جَبَلٍ، وإذَا آواها المراحُ والحرزُ فالقطعُ فيما بلغ ثمنَ المجَنّ» وقال عليه الصلاةُ والسلامُ: «ليسَ على خائنٍ ولا مُنْتَهبٍ ولا مُخْتلِس قطعٌ» .
وإذا سَرَقَ من مالٍ فيه شُبْهَةٌ، كالعبدِ المسروقِ في مالِ سَيِّده، والولدِ من مال والدِهِ، والوالدِ من مالِ ولدِهِ، وأحدِ الشريكيْنِ من مالِ المشتركِ لا قَطْعَ عليه.
فصل فيما إذا اشترك جماعة في سرقة
إذا اشترك جماعةٌ في سرقَة نصابٍ مِنْ حِرْزٍ، فلا يَخْلُو: إمَّا أنَّ بعضهم يَقْدِرُ على إخراجه أوْ لا يَقْدِرُ إلا بمعاونِتِهم، فإنْ كان الأول فَقِيل: يُقْطَعُ، وقيل: لا يُقطعُ، وهو قولُ أبِي حَنيفَةَ والشافعي، فإذا نَقَبَ واحدٌ الحِرْزَ وأخَذَ الآخرُ، فإنْ كانَ انفردَ كل واحدٍ بِفعلِهِ دُونَ اتفاقٍ منهما، فلا قطْع على واحدٍ منهما، وإنْ تفاوتَا في النَّقْبِ وانفردَ أحدهما بالإخراجِ خاصةً، فإنْ دخل أحدُهما وأخرجَ المتاعَ إلى باب الحرْزِ فأدخل الآخرُ يدَهُ فأخذه، فعليه القطعُ ويُعاقبُ الأولُ، وقيل: يُقْطعانِ وإنْ وضعه خارج الحِرْز فعليه القطعُ لا على الآخذِ.
فصل في حكم النبّاش
والقبرُ والمسجدُ حِرْزٌ فَيُقْطَعُ النَّباشُ عند الجمهور، وقال أبُو حنيفةَ: لا يقطعُ؛ لأنَّه سرق مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ مالاً مُعَرَّضاً لِلتَّلفِ لا مالِكَ لَهُ؛ لأنَّ الميِّتَ لا يملِكُ.
فصل
قال الشافعي: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - لِلْمَوْلى إقَامةُ الحدِّ على ممَالِيكِه، وقال أبُو حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: لا يَمْلِكُ ذلكَ.