سألوا الرسول - عليه الصلاةُ والسلامُ - عن ذلك فنزل جبريل بالرجم فأبوا أن يأخُذُوا به، فقال جبريلُ: اجعل بينك وبينهم ابن صوريَّا ووصفه له. فقال لهم رسولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وآله وسلم -: [هل] تعرفون شاباً أمردَ أبيض أَعوَرَ يسكن فدك يقال له: ابنُ صوريَّا؟ .
قالُوا: نَعَمْ، قال: فأيُّ رَجُلٍ هو فيكُم قالوا: هو أعْلَمُ يَهُودِيٍّ بَقِيَ على وجه الأرضِ بما أنْزَل الله على موسى بن عمران في التَّوْرَاةِ قال: فأرْسلوا إليه. ففعلُوا فأتاهُمْ، فقال له صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أنْتَ ابنُ صُوريَّا قال: نَعَمْ، فقال له عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُُ:» أنْشُدُك الله الذي لا إلَهَ إلَاّ هُوَ الذي أنْزَل التوراةَ على مُوسَى، وأخرجكم من مِصْرَ، وفلق لكم البحرَ، وأنجاكُمْ، وأغْرقَ آل فِرْعوْنَ، وظلل عليكم الغمامَ، وأنزلَ عليكُمُ المَنَّ والسَّلْوَى، ورفعَ فوْقَكُم الطُّور، وأنْزَلَ عَلَيْكُم كتابَهُ فيه حلالُه وحرامُه هل تجدُون في كتابِكُم الرَّجْمَ على مَنْ أحْصِن.
قال ابن صُوريّا: نَعَمْ، والذي ذَكَّرْتَنِي به لَوْلَا خشيةُ أنْ تحرقنِي التوراةُ إنْ كذبتُ أو غيَّرت [أو بدلتُ] ما اعترفتُ لك، ولكن كيفَ هي في كتابكم يا مُحمدُ؟ قال: إذا شَهدَ أربعة رَهْطٍ عُدُول، أنَّهُ قد أدْخَلَ فيها ذكرهُ كما يدخُلُ المِيلُ في المُكْحُلَةِ وجب عليه الرَّجْمُ، فقال ابنُ صوريَّا: والَّذِي أنزلَ التوراةَ على مُوسى هكذا أنزلَ الله التوراة على موسى فقال له صلى الله عليه وعلى آله وسلم: [فماذا كان] أوَّل ما تَرَخّصْتُم به أمر الله عزَّ وجلَّ قال: كُنَّا إذا أخذنَا الشريفَ تركْنَاهُ، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحدَّ: فكثُرَ الزِّنَا في أشْرَافِنَا حتى زَنَى ابنُ عَمِّ [مَلِكٍ] لنا فلم نَرْجُمْهُ، ثُم زَنَا رجلٌ آخرُ في أسوةٍ من النَّاس، فأراد ذلك الملكُ رَجْمَه، فقام دُونَه قَوْمُه، فقالوا: واللَّه لا نرجُمُه حتى نرجُم فُلاناً ابن عَمِّ الملكِ. فقُلْنا: تعالَوْا نَجْتَمِعُ فنضعَ شَيئاً دون الرجمِ يكونُ على الشَّريفِ والوضيعِ، فوضعْنَا الجلْدَ والتَّحْميمَ؛ وهو أنْ يُجْلَدَا أربعينَ جلْدةً بِحَبلٍ مَطْلِيٍّ بالقارِ، ثم يُسَوَّد وُجُوهُهُمَا، ثُمَّ يُحملا على حِمَاريْنِ وجوهُهُما من قبلِ دُبر الحمار، ويطافُ بِهَما، فجعلوا هذا مكان الرجم. فقال اليهودُ [لابن صوريا] : ما أسرع ما أخبرتَهُ به، وما [كُنتَ لما أثْنَيْنَا] عليك بأهل، ولكِنَّكَ كُنْتَ غائباً، فكرهنا أن نَغْتَابَك، فقال لهم ابن صوريا: إنَّه قد أنْشَدَني بالتوراةِ، ولولا خشيةُ التوراةِ أنْ تُهلكني لما أخبرته، فأمر بهما النبيُّ - صلى الله عليه وعلى وآله وسلم - فَرُجِمَا عند بابِ المسجدِ، وقال: اللهم، إنَّي أوَّلُ مَنْ أحْيَا أمرَكَ إذْ أمَاتُوهُ «
، فأنزل الله عزَّ وجل:{ياأيها الرسول لَا يَحْزُنكَ الذين يُسَارِعُونَ فِي الكفر} .