من اليَهُوديَّة، فالفقراءُ كانُوا يسمعُونَ أكاذيبَ الأغنياءِ، ويأكُلُونَ السُّحْتَ الذي يأخذوه مِنْهُم.
وقيل: سمَّاعُون للأكاذِيبِ التي كانوا يَنْسِبُونَها إلى التوراةِ، أكَّالُونَ لِلرِّبَا لقوله تعالى:{وَأَخْذِهِمُ الربا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ}[النساء: ١٦١] .
وقال عمرُ بن الخطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - رَشْوَةُ الحاكم من السُّحْتِ. وعن رسُولِ الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم أنَّه قال:«كُلُّ لَحْمٍ نبتَ بالسُّحْتِ فالنَّارُ أوْلَى به» قالُوا: يا رسولَ الله، ومَا السُّحْتُ؟ قال:«الرشوةُ في الحُكْمِ» .
وقال بعضُ العلماءِ: من السحتِ أنْ يأكلَ الرجلُ بجاهِهِ، بأنْ يكون للرجل حاجةٌ عند السلطانِ، فيسألَهُ أنْ يَقْضِيَها له، فلا يَقْضِيَها له إلَاّ بِرشْوَةٍ يأخُذُها. انتهى.
وقال أبُو حَنيفَةَ [- رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -] : إذا ارْتَشَى الحاكمُ انعزَلَ في الوقْتِ، وإنْ لم يُعزلْ بطلَ كُلُّ حُكْمٍ حَكَمَ به بَعْدَ ذلك.
قال القرطُبي: وهذا لا يجوزُ أن يُخْتلفَ فيه إنْ شاء الله؛ لأنَّ أخْذَ الرشوة فِسْقٌ والفاسِقُ لا يَنْفُذُ حُكْمُهُ.
خيَّره تعالى بَيْنَ الحُكْمِ وبَيْنَ الإعراضِ عنهم، واختلفُوا فيه على قولَيْنِ:
الأولُ: أنَّهُ في أمرٍ خاصٍّ، ثُم اختلف هؤلاءِ.
فقال ابنُ عباسٍ، والحسنُ، والزهريُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم -: إنَّهُ في أمر زنا المُحْصَنِ، وقيل: في قَتيلٍ قُتل من اليهودِ في بَنِي قُرَيْظَةَ والنَّضِير كما تقدم، فتحاكمُوا إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فجعل الدِّيَّةَ سَواءً.