أحدهما: أن تكون عطفاً على قوله: «وَقَفَّيْنَا» فلا يكون لها مَحَلٌّ، كما أن المعطوف عليه لا مَحَلَّ له، ويجوز أن تكون في مَحَلِّ نصب على الحال عَطْفاً على «مصدقاً» الأوَّل إذا جعل «مصدقاً» الثاني حالاً من «عيسى» أيضاً كما سيأتي، [ويجوز أن تكون الجملة حالاً] وإن لم يكن «مصدقاً» الثاني حالاً من «عيسى» .
قوله تعالى:«فيه هدى» يجوز أن يكون «فيه» وحده حالاً من الإنجيل، و «هدى» فاعل به؛ لأنه لما اعتمد على ذِي الحَالِ رفع الفاعل ويجوز أن يكون «فيه» خبراً مقدّماً، «وهدى» مبتدأ مؤخر، والجملة حال، و «مصدقاً» حال عَطْفاً على محل «فيه هدى» بالاعتبارين أعني اعتبار أن يكون «فيه» وَحْدَهُ هو الحال، فعطفت هذه الحال عليه، وأن يكون «فيه هدى» جملة اسمية محلُّها النصب، و «مصدقاً» عطف على محلِّهَا، وإلى هذا ذَهَبَ ابن عطية، إلاّ أن هذا مرجوحٌ من وجهين:
أحدهما: أن أصل الحال أن تكون مفردة، والجار أقرب إلى المفرد من الجمل.
الثاني: أن الجملة الاسمية الواقعة حالاً، الأكثر أن تأتي فيها بالواو، وإن كان فيها ضميرٌ - حتى زعم الفراء - وتبعه الزمخشري أن ذلك لا يجوز إلا شاذّاً، وكونُ «مصدقاً» حالاً من «الإنجيل» هو الظاهر.
وأجاز مكي بن أبي طالب - وتبعه أبو البقاء - أن يكون «مصدقاً» ، الثاني حالاً أيضاً من عيسى «كُرِّرَ توكيداً.
قال ابن عطية:» وهذا فيه قَلَقٌ من جهة اتساق المعاني «.
قال شهاب الدين: إذا جعلنا» وآتيناه «حالاً منه، وعطفنا عليها هذه الحال الأخرى، فلا أدْرِي وجْه القلقِ من الحيثية المذكورة؟
وقوله:» وهدى «الجمهور على النَّصْبِ، وهو على الحال: إمَّا من» الإنجيل «، عطفت هذه الحال على ما قبلها، وإمَّا من» عيسى «أي: ذا هُدًى وموعظة، أو هادياً، أو جعل نفس الهدى مبالغة.
وأجاز الزمخشري أن ينتصبا على المفعُولِ من أجْلِهِ، وجعل العامل فيه قوله تعالى: «آتيناه» ، قال: وأنْ ينتصبا مفعولاً لهما لقوله: «وليحكم» كأنه قيل وللهدى وللموعظة آتيناه الإنجيل وللحكم.
وجوز أبو البقاء وغيره أن يكون العامل فيه «قَفَّيْنَا» أي: قفينا للهدى والموعظة،