قال الطَّبرِيُّ: فعلى هذا يكون «مُهَيْمِناً» حالاً من «الكَافِ» في «إليْك» ، وطعنَ على هذا القولِ لوجود «الواو»[في]«ومهيمناً» ؛ لأنها عطفٌ على «مُصدِّقاً» ، و «مُصدِّقاً» حالٌ مِنَ «الكِتاب» لا حَالٌ مِنَ «الكَافِ» ؛ إذْ لَوْ كان حالاً مِنْها لكان التركيبُ:«لِمَا بَيْنَ يَدَيْكَ» بالكَافِ.
قال أبُو حيّان: وتأويلُه على أنَّه من الالتفات من الخطاب إلى الغَيْبَةِ بعيدٌ عَنْ نظم القرآن، وتقديرُ:«وَجَعلْنَاكَ يا مُحمَّدُ مُهَيْمِناً» أبعدُ يعني: أنَّ هذيْنِ التَّأويلَيْنِ يَصْلُحَانِ أنْ يكُونَا جَوَابَيْنِ عن قول مجاهد، لكنَّ الأولَ بعيد، والثَّانِي أبعدُ مِنْه.
وقال ابن عطيَّة هنا بَعْدَ أن حَكَى قراءةَ مُجاهِدٍ وتفسيرَهُ محمداً - عليه السلام - أنَّه أمينٌ على القرآنِ: قال الطبريُ وقوله: «ومُهَيْمناً» على هذا حالٌ مِنَ «الكَافِ» في قوله: «إلَيْكَ» قال: «وهذا تأويلٌ بعيدُ المفهومِ» قال: «وغلط الطبرِيُّ في هذه اللَّفْظَةِ على مُجاهدٍ، فإنه فَسَّرَ تأويلَهُ على قراءةِ النَّاسِ» مُهَيْمناً «بِفَتْحِ الميمِ الثانيةِ، فَبَعُدَ التأويلُ، ومجاهدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّما يَقْرأ هو وابنُ مُحَيْصِن:» مُهَيْمَناً «بِفَتْحِ الميمِ الثَّانِيَةِ فهُوَ بناءُ اسم المفعولِ، وهو حالٌ من» الكِتَابِ «معطوفٌ على قوله:» مُصَدِّقاً «، وعلى هذا يتجه أنَّ المؤتَمَنَ عليه هو محمد - عليه السلام -» .
قال:«وكذلك مشى مَكيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -» .
قال شهابُ الدِّين: وما قاله أبُو محمدٍ ليس فيه ما يَرُدُّ على الطَّبريِّ، [فإنَّ الطبري] اسْتَشْكَلَ كَوْنَ «مُهَيْمِناً» حالاً من «الكافِ» على قراءة مجاهدٍ، وأيضاً فقد قال ابنُ عطية بعد ذلك: ويُحْتَملُ أنْ يكونَ «مُصدِّقاً ومُهَيْمِناً» حاليْنِ مِنَ «الكافِ» في «إلَيْكَ» ، ولا يخص ذلك قراءةَ مُجاهدٍ وحده كما زعم مَكّي، فالناسُ إنما اسْتَشْكَلُوا كَوْنَهُمَا حالين من كافِ «إليك» لِقَلَقِ التركيبِ، وقد تقدم ما فيه وما نقله أبُو حيَّان مِنَ التَّأويلينِ.
وقوله:«ولا يخص ذلك» كلامٌ صَحِيحٌ، وإنْ كان مكِّيٌّ التَزَمَهُ، وهو الظَّاهِرُ.
و «عَلَيْهِ» في مَوْضِعِ رَفْعٍ على قراءةِ ابنِ مُحَيْصن، ومجاهدٍ لقيامِهِ مُقَامَ الفاعلِ، كذا قاله ابنُ عَطِيَّةً.