للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال شهاب الدين: هذا إذا جعلنا «مُهَيْمناً» حالاً من «الكتاب» ، أمَّا إذا جعلناه حالاً من كاف «إلَيْكَ» ، فيكون القائمُ مقام الفاعلِ ضَمِيراً مُسْتَتِراً يعُود على النبي - عليه السلام -، فيكون «عليه» أيضاً في مَحَلِّ نَصْب، كما لو قُرِئ به اسمُ الفاعل انتهى.

فصل معنى أمانة القرآن

ومعنى أمانةِ القرآنِ ما قال ابنُ جُرَيج: القرآنُ أمين على ما قبله من الكُتُبِ، فما أخبر أهْلُ الكتابِ عن كِتَابِهِمْ، فإنْ كان في القرآن فصدِّقوه، وإلَاّ فَكَذِّبُوه.

قال سعيدٌ بن المُسيَّب والضَّحاك: قَاضِياً، وقيل: إنَّما كان القُرْآن مُهَيْمِناً على الكُتُب؛ لأنه الكِتَاب الذي لا يَصِير مَنْسُوخاً ألْبَتَّةَ، ولا يَتَطَرَّقُ إلَيْه التَّبْديل والتَّحْريف؛ لقوله تعالى:

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] .

وإذا كان كذلك كان شهادَة القُرْآن على التَّوْرَاة والإنْجيل والزَّبُور حقٌّ وصدقٌ باقيةٌ أبداً، [وكانت حقيقة هذه الكُتُب مَعْلُومة أبداً] .

ومن قَرَأ بفتح الميمِ الثَّانِية، فالمعنى أنه مشهودٌ عليه من عِنْد الله تعالى بأنَّه يَصُونُه عن التَّحْرِيف والتَّبْدِيلِ لقوله تعالى: {لَاّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت: ٤٢] ، والآيات المتقدِّمة.

قوله تعالى {فاحكم بَيْنَهُم} : يا محمد {بِمَآ أَنزَلَ الله} بين أهْلِ الكتاب إذا ترافعُوا إليك بالقُرآن، والوَحْي ينزل عليك، {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ} ، أي: ولا تتحَرِفْ، ولذلك عدَّاه ب «عَنْ» كأنَّه قيل: ولا تنحرف عمَّا جاءك من الحقِّ مُتَّبِعاً أهواءَهم.

روي أنَّ جماعة من اليهُود قالوا: تعالوا [نذهب] إلى محمد لعلَّنا نَفْتِنهُ عن دينه، ثمَّ دَخَلُوا عليه وقالوا: يا مُحَمَّد قد عَرَفْتَ أنّا أحبار اليَهُود وأشْرَافُهم، وأنّا إن اتَّبَعْنَاك اتَّبَعَك كلُّ اليَهُود، وإنَّ بَيْنَنَا وبين خصُومِنا حُكُومة فَنُحَاكِمهم إلَيْكَ، فاقْضِ لنا ونحْنُ نُؤمِنُ بك فأنزل الله تعالى هذه الآية - والله أعلم -.

فصل

تمسَّك من طعن في عِصْمَة الأنْبِيَاء عليهم الصلاة والسلام بهذه الآيةِ، وقال: لولا جواز المَعْصِيَة عليهم لما قال الله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ الحق} .

<<  <  ج: ص:  >  >>